قبل أقل من 24 ساعة على انطلاق استفتاء تعديل الدستور المرتقب يوم غد الأحد بالتزامن مع الذكرى 66 لاندلاع ثورة التحرير المصادفة للفاتح من نوفمبر 54، يتساءل جزائريون عن مصير هذه الوثيقة، التي كانت أول عهد قطعه الرئيس عبد المجيد تبون، بعد تسلّمه لمقاليد الحكم في رئاسيات مثيرة للجدل جرت في 12 ديسمبر 2019.
منّبع هذه التساؤلات، تواجد عبد المجيد تبون خارج الوطن، وبالتحديد في ألمانيا لإجراء فحوصات طبيعة « معمقة »، كما ذكرت الرئاسة الجزائرية، دون أن تُحدّد أي تاريخ لعودته ولا حتى طبيعة الفحوصات، وإن ما كانت تتعلق بفيروس كورونا، أم بمرض آخر.
أعاد هذا الوضع الغامض، تلك التجربة المريرة التي عايشها الجزائريون خلال السبع سنوات الأخيرة من فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث ظل التكتم سيد الموقف، وهو ما كان سبباً مباشرا في اندلاع حراك 22 فبراير 2019، بعدما أحس الجزائريون بالإهانة وهم يرون بوتفليقة يترشح لعهدة رئاسية خامسة، مع أنه كان عاجزا عن الحركة وحتى مخاطبة شعبه.
بالرغم من هذا الواقع، تدفع السلطة الحالية نحو استكمال الاستفتاء الشعبي حول تعديل الدستور وتوفير كافة عوامل نجاحه، بمعزل عن الظروف الطارئة، إذ أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، إحصاء أزيد من 24 مليون ناخب مسجّل في القوائم الانتخابية للاستفتاء الدستوري، المزمع إجراؤه يوم غد الأحد، المصادف للذكرى 66 لاندلاع ثورة التحرير.
وذكر شرفي في تدخل له بالإذاعة الوطنية اليوم السبت أنّ نسبة المشاركة في الاستفتاء في المكاتب المتنقلة التي انطلق فيها التصويت، يوم الخميس، بلغت 11 بالمائة في اليوم الأول، فيما تتواصل عملية الاستفتاء في المكاتب المتنقلة بالجنوب في كل من ولايات أدرار، الأغواط، بشار، تمنراست، ورڨلة، إليزي، تندوف، الوادي والنعامة.
في الجهة المقابلة من ذلك، افتتحت مكاتب التصويت اليوم السبت، عبر المراكز الانتخابية التابعة للدوائر الدبلوماسية والقنصلية بالخارج بكل من الإمارات العربية المتحدة، العراق، سوريا، السعودية، الكويت، قطر، مصر، البحرين، سلطنة عمان، روسيا، النيجر والمكسيك، حسبما ذكرت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في بيان لها.
وتجري عملية الاستفتاء في الجزائر في ظروف استثنائية في ظلّ انتشار وباء « كوفيد– 19″، حيث وضعت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بروتوكولًا صحيًا لتنظيم سير عملية الاستفتاء، إذ يتضمن حسب التصريحات، تعليمات صحية إلزامية داخل قاعات المحاضرات والمكاتب وقاعات العمل التي سيتم تزويدها بمحلول كحولي للتعقيم.
كما يُشترط على الناخبين، استعمال الأقنعة الوقائية واحترام مسافة التباعد الاجتماعي وتفادي التلامس الجسدي بين الأفراد، كما لا يسمح بالدخول إلى المكاتب إلا لشخصين أو ثلاثة فقط، وما بين 5 و7 أعضاء بقاعة العمل حسب مساحتها.
ويواجه الاستفتاء على الدستور، معارضة سياسية وشعبية، إذ انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي هاشتاغ « أنا لا أنتخب »، في وقت دعت فيه أحزاب سياسية إلى التصويت بـ »لا » على تعديل الدستور، من منطلق أنّ « المشروع لا يستجيب لطموحات شهداء ثورة الفاتح من نوفمبر 54، ولا يلبّي مطالب الحَراك الشّعبي 22 فبراير 2019، ولا يحقّق آمال الشّعب الجزائري في التغيير الحقيقي والشّامل، ولا يرقى إلى مستوى تعهدات رئيس الجمهورية ».