أوصى الرئيس عبد المجيد تبون، ب »تدابير تهدئة لفائدة الشباب المتابعين جزائيا، والمتواجدين رهن الحبس، لارتكابهم وقائع التجمهر وما ارتبط بها من أفعال ».
هذه الفقرة الواردة في بيان رئاسة الجمهورية أمس، أدخلت عائلات معتقلي الرأي في جو من الترقب وضغط التساؤلات، إن كان أبناؤهم معنيين بهذه القرارات.
قانونيا « الدستور لا يمنح رئيس الجمهورية صلاحية العفو على محبوسين غير محكوم عليهم نهايئا » كما يشرح المحامون. وعليه الرئيس وقع أمس مراسيم تدخل حيز التنفيذ مباشرة. وقد غادر أول محبوسي الحق العام المستفيدين من العفو الرئاسي السجون منذ صبيحة اليوم، و »ستستمر العملية إلى غاية ال11 من شهر جويلية الجاري » كما كتب المحامي عبد الرحمان صالح في صفحته على فيسبوك.
وقدر بيان رئاسة الجمهورية عدد المستفيدين من العفو الرئاسي هذه المرة ب14914 محبوسا. كما يستفيد 81 محبوسا من إجراءات إستثنائية، منهم 14 محكوما عليهم نهائيا بالإعدام، تستبدل عقوبتهم ب20 سنة. ويستفيد 27 محبوسا محكوما عليهم بعقوبة السجن المؤبد، في جرائم القانون العام، من غير القتل والتقتيل » من إستبدال العقوبة ب20 سنة سجنا. إضافة إلى إستفادة 40 محبوسا يعانون من السرطان و القصور الكلوي المحكوم عليهم نهائيا، من تخفيض العقوبة ب24 شهرا. ويستفيد المحبوسون الناجحون في شهادات التعليم المتوسط والتكوين لمهني والباكالوريا كذلك، من تخفيض العقوبة ب24، ولم يحدد البيان عددهم.
هل تجد قضية محمد بابا نجار الحل؟
قضى مناضل الأفافاس في غرداية، محمد بابا نجار 17 سنة في السجن لحد الآن، حيث صدر في حقه حكما إبتدائيا بالإعدام، قبل أن تخفض العقوبة لدى الاستئناف إلى المؤبد.
ودخل بابا نجار في سلسلة من الإضرابات عن الطعام، متمسكا ببراءته من جريمة قتل رفيقه في الحزب، رئيس الهلال الأحمر السابق، إبراهيم بازين. وبدورها ظلت قيادة الأفافاس تدافع عن براءة مناضلها في هذه القضية وطالبت بإنصافه. ونقلت قضيته إلى الرئيس عبد المجيد تبون في إطار جولته الجديدة من للقاءات مع الأحزاب، والتي إستقبل خلالها الأمين الأول للحزب، يوسف أوشيش.
ويؤكد المحامي صالح دبوز في إتصال مع « راديو أم » أن محمد بابا نجار حكم عليه بتهمة القتل وإذا طبقت إجراءات إستبدال العقوبة بالعبارات الواردة في بيان الرئاسة فلن يستفيد من الاجراء » لكن بالنظر إلى السياق الذي جاءت فيه إجراءات العفو هذهن يتوقع المحامي صالح دبوز أن يستفيد بابا نجار من إجراء إستبدال العقوبة من المؤبد إلى 20 سنة، كون « جريمة القتل غير ثابتة عليه ».
وتبقى أمام بابا نجار في حال إستبدال عقوبته، ثلاثة سنوات ليستكمل20 سنة، لكنه في هذه الحالة سيغادر السجن في أول قرار عفو رئاسي سيصدر مستقبلا، حسب الاستاذ صالح دبوز. في حين يقول الأستاذ مصطفى بوشاشي أنه بإمكان بابا نجار الاستفادة من الافراج المشروط ومغادرة السجن مع المغادرين بموجب قرارات العفو الصادرة أمس.
ويتساءل بوشاشي الذي تأسس هو الآخر في ملف بابا نجار، ويعتبره « ملف براءة »، لماذا لم يستثن المرسوم المتعلق بالإعدام جرائم وتستثنى هذه الجرائم بالنسبة للمحكوم عليهم بالمؤبد؟ كما يتساءل لماذا تحديد عدد المستفيدين من كل مرسوم؟ هل يعني أن السلطة لديها قائمة من الأشخاص تريد الافراج عنهم وهي بصدد البحث عن الاخراج القانوني للقرار؟ في هذه الحالة، يضيف المحامي، « عائلات المساجين الذين لم تشملهم إجراءات العفو ستشعر بالظلم ومن حقها أن تحتج في المستقبل »
من يستفيد من إجراءات التهدئة ؟
لأول مرة يستعمل بيان الرئاسة عبارة « إجراءات التهدئة » وهي عبارة سياسية نجدها في قاموس الأحزاب والمنظمات المدافعة عن حقوق الانسان، ولا وجود لها في النصوص القانونية.
وإذا أضفنا هذه العبارة إلى عبارة « جرائم التجمهر وما إرتبط بها »، يقول الأستاذ بوشاشي « في هذه الحالة وزارة العدل هي التي ستحدد مجال التطبيق » ومن سيتفيد ومن لا يستفيد من إجراءات التهدئة
وما يوحي أن السلطة هذه المرة عازمة على إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، هي التوصية الأخيرة الواردة في بيان الرئاسة ومفادها « في سياق التدابير التي يتخذها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من خلال المشاورات مع ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، يجري حاليا إعداد قانون خاص لفائدة المحكوم عليهم نهائيا، وهذا امتدادا لقانوني الرحمة والوئام المدني ».
ولم يحدد البيان هنا فئة المحكوم عليهم نهائيا، لكن عبارة « إمتدادا لقانون الرحمة والوئام المدني »، زائد الاستجابة للمشاورات مع الأحزاب، تجعل السلطة مضطرة لإطلاق من تهمهم اليوم في إطار المادة 87 مكرر، إذا أرادت اطلاق سراح مساجين التسعينات المرتبطين بالإرهاب مباشرة. علما أن هذه الفئة الأخيرة تنقسم إلى فئتين كذلك، الأولى هي فئة الذين إستثناهم قانون الوئام المدني وميثاق المصالحة الوطنية من إلغاء المتابعات القضائية. أما الفئة الثانية فتتمثل مساجين لم يستثنهم القانون، ومع ذلك القضاة تقاعسوا في تنفيذ قرارات العفو لصالحهم