عشية الذكرى الرابعة لإندلاع مسيرات الحراك الشعبي، عاد موقع » بي بي سي »، لتسليط الضوء مُجدداً على ملف اعتقال وسجن الصحفي المخضرم، القاضي إحسان، الذي سينظر هذا الأحد 26 القضاء الجزائري، للمرة الثانية في طلب الإفراج عنه، بعدما رفض الأولى ببرمجة جلسة محاكمة دون تمكين محاميه من الحضور والدفاع عنه، وأيد قرار وضعه رهن الحبس المؤقت، بسجن الحراش.
أين نشر الموقع في نسخته بالإنكليزية، تقريرا أشار فيه، إلى « سيطرة الحرس القديم على السلطة في الجزائر ». وقال مجدي عبد الهادي في رسالة من شمال أفريقيا إن سجن القاضي هو إشارة عن إدارة السلطة ومن يتحكم بها.
وقال كاتب التقرير، إن » سجن القاضي، وهو صحافي مخضرم، جاء في منتصف ليلة عيد الميلاد، حيث داهم بيته ضباط بزي مدني ونقلوه إلى مقرات الشرطة السياسية في العاصمة الجزائر. وألقت ظروف اعتقاله التي قصتها ابنته بظلالها على الصحافيين المستقلين وناشطي حقوق الإنسان في الدول الاستبدادية حول العالم ».
وبدأت » قصة اعتقاله بمكالمة هاتفية منتصف الليل وتبعها دقات على الباب في 24 ديسمبر حسبما قالت تين هينان القاضي لبرنامج أفريقيا في إذاعة بي بي سي ». وقالت إن » رجال الشرطة الستة لم يكن معهم بلاغ اعتقال ولا تهم موجهة لوالدها. وقيدت يداه ورمي في سيارة شرطة وأخذ لكي يراقب إغلاق مكاتب مؤسسته الإعلامية التي طلب من طاقمها العودة إلى بيوتهم، وصودرت المعدات وأغلق المكان بالشمع الأحمر ».
وبعد ستة أيام من التوقيف تحت النظر، مثل الصحفي القاضي إحسان ، أمام محكمة تحقيق، ولم يستطع محاموه التقدم باعتراض على اعتقاله وإغلاق مؤسسته الإعلامية، لأن موعد الجلسة غير بدون إخبارهم. ويقول كاتب المقال عبد الهادي إن « الاتهامات ضده تحمل علامات الدولة القمعية، وهي تهم تتعلق بتقويض الأمن القومي والاستقرار ونشر الأخبار المزيفة والحصول على أموال من الخارج بدون إذن ».
وذكّر التقرير الصحفي أنها » ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها القاضي لقوة الدولة الجزائرية، لكن السبب المباشر للاعتقال الأخير كان مقالة رأي كتبها على موقعه في الإنترنت – مغرب إيمرجنت- والتي تكهن فيها بترشح الرئيس عبد المجيد تبون، 77 عاما، لفترة ثانية في الحكم وناقش موافقة الجيش على هذه الخطوة. وأغضبت المقالة الرئيس والعسكر ».
وأضاف أنه » يتفق المراقبون للشأن الجزائري أن الجزائر لم تكن أبدا ديمقراطية منذ استقلالها عام 1962، فالانتخابات في الجزائر هي مجرد استعراض وهدفها الرئيسي هو منح مظهر من الشرعية الديمقراطية على الرجل الذي نصبه العسكر من وراء الأبواب المغلقة. وهذا بالضبط ما أراد الجزائريون تغييره عندما خرجوا إلى الشارع عام 2019. وفي ذلك العام خرج المتظاهرون ليعبروا عن غضبهم على بوتفليقة الذي قرر الترشح لولاية خامسة مع أنه كان على الكرسي المتحرك ولم ير إلا نادرا، وحكم البلاد لمدة 20 عاما. وأدت حركة الاحتجاج إلى سقوط بوتفليقة وتوفي بعد ذلك ».
و » تم تقديم عدد من الذين عملوا معه للمحاكمة، وكان هذا ما حدث، مع أن الحراك أراد أكثر من إسقاط بوتفليقة، ولم يرد الحراكيون تمثيلية أخرى وحركة تجميل جديدة. وطالبوا بتغيير جذري للنظام السياسي بحقوق كاملة وقواعد مجسدة ليس في الدستور ولكن عمليا. وعلموا أن تحقيق هذا يعني إعادة تفكيك ما بات الجزائريون يطلقون عليهم “السلطة” وهي شبكة معقدة من العلاقات بين الأجهزة الأمنية والتجارية والجيش في مركزها، وهو نظام قائم منذ الاستقلال ».
و »لعدم وجود قيادة واحدة وانتشار كوفيد 19 فقد تلاشى الحراك وسط حملات القمع، وعاد الحرس القديم وبقوة إلى مركز السلطة، وما حدث في الجزائر هو نسخة مشابهة لما شهدته دول شمال أفريقيا، تونس وليبيا ومصر. فبعد نشوة الربيع العربي الذي أسقط ثلاثة أنظمة في شمال أفريقيا، لم يحدث أي تحول كامل للديمقراطية، فلا تزال ليبيا في حالة من الفوضى، وعادت تونس بعد بداية مترنحة إلى الوراء، أما مصر فيسيطر عليها العسكر »، يقول التقرير.