قَبل لحَظات من مُغادرته الجزائر في رحلة جديدة لاستكمال العلاج بألمانيا، لمّح الرئيس عبد المجيد تبون إلى عدم رضاه عن مردود جهازه التنفيذي، قائلًا بالعامية: « كما تعرفون الحكومة فيها وعليها » أي بإيجابياتها وسلبياتها (..) »
هذا التصريح لم يمر دون إثارة جدل واسع على منصات مواقع التواصل الاجتماعي وكان حدث الأسبوع، على اعتبار أن الحكومة هي المكلفة بتسيير الأمور في غياب الرئيس، وبالتالي فإن ما قاله عبد المجيد تبون يشكك ويضرب في مصداقيتها في العمق أمام الرأي العام
وتزامن « امتعاض » تبون من أداء بعض الوزراء، مع فضائح تسيير ضربت عدّة قطاعات في الآونة الأخيرة، تم بموجبها إقالة الوزير لزهر هاني والمدير العام للخطوط الجوية الجزائرية بخوش علاش، لموافقتهما على استيراد سلع تتصل بـ « خدمات الإطعام » في انتهاك لتعليمات تقضي بإعطاء الأولوية للإنتاج المحلي والتوجيهات المالية الرامية لتكريس تسيير عقلاني للعملة الصعبة.
وتواجه الخطوط الجوية الجزائرية صُعوبات كَبيرة بسبب أزمة فيروس كورونا، وخصوصا أن الجزائر أغلقت حدودها الجوية منذ 17 مارس 2020، إذ قدرت الشركة الوطنية خسائرها الناتجة من تعليق الملاحة الجوية بـ38 مليار دينار (234 مليون يورو)، وتوقعت أن ترتفع قيمة تلك الخسائر نهاية ديسمبر من العام الماضي إلى 89 مليار دينار (550 مليون يورو).
سوء التسيير طال أيضا وزارة الفلاحة عقب تفجر فضيحة استيراد شحنات من القمح المغشوش من ليتوانيا، ما استدعى فتح تحقيق قضائي، مع تكليف وزارة المالية بإجراء تدقيق محاسباتي في الديوان الجزائري المهني للحبوب، الذي تمت إقالة مديره عبد الرحمان بوشهدة، وسط توقعات بتنحية مسؤولين آخرين في قادم الأيام من وزارتي الفلاحة والتجارة.
ضعف الأداء الحكومي طاول وزارات أخرى أبرزها الشباب والرياضة والصناعة وحتى وزارة الداخلية بسبب ما بات يصطلح عليه بـ « مناطق الظل » وهي المدن النائية المتعطشة للتنمية المحلية، وهو ما ورد في بيان صادر عن مجلس الوزراء الذي عقده تبون عقب عودته من ألمانيا التي مكث فيها لشهرين قبل أن يكرر العودة لاستكمال العلاج.
ووفق متابعين للشأن السياسي، يوحي هذا الركود الحكومي بأن التغيير قادم، ويَنتظر التصريح عنه بشكل رسمي، وسط توقعات بإزالة الوزرات المنتدبة التي كان استحداثها خطأ منذ البداية كونها لم تقدم أي إضافة في المشهد وهو ما ينطبق على الوزارة المنتدبة للصناعات السينماتوغرافية والوزارة المنتدبة لرياضة النخبة.
ويرتبط ضعف أداء الوزراء بالدرجة الأولى إلى غياب رؤية استشرافية للحكومة التي لم تكن في مستوى تطلعات وطموحات الشارع المتعطش لتحسين الأوضاع على كافة المستويات بعد حراك شعبي دام أزيد من عام.
وكمؤشر على ذلك، شهدت ولاية ورقلة، قبل يومين احتجاج يُعتبر الأضخم من نوعه منذ تم توقيف مسيرات الحراك الشعبي في البلاد، شهر مارس الماضي، حيث رفع المشاركون في الاحتجاجات شعارات تدعو إلى « محاسبة بعض المسؤولين المحليين المسؤولين عن ملف التوظيف ». إذ يُطالب سكان المناطق الجنوبية، من الرئيس عبد المجيد تبون بتحقيق الوعود التي أعلن عنها في حملته الرئاسية بخصوص مراجعة سياسة التشغيل ومنح الأولوية لسكان هذه المناطق.