سنة 2020: مقربون من قايد صالح في السجن، الحراك يتواصل، تركة بوتفليقة تعود ومشروع "البادسيين" ينتظر - Radio M

Radio M

سنة 2020: مقربون من قايد صالح في السجن، الحراك يتواصل، تركة بوتفليقة تعود ومشروع « البادسيين » ينتظر

كنزة خاطو | 31/12/20 15:12

سنة 2020: مقربون من قايد صالح في السجن، الحراك يتواصل، تركة بوتفليقة تعود ومشروع « البادسيين » ينتظر

كانت سنة 2019 حافلةً بالأحداث السياسية، ومرحلةٌ سيّرتها المؤسسة العسكرية على رأسها قائد الأركان السابق المتوفي أحمد قايد صالح، وانتهت بانتخاباتٍ رئاسيةٍ رفضها الحراك الشعبي وأفرزت نتائجها تولي عبد المجيد تبون رئاسة البلاد.

ودّع الجزائريون والجزائريات بعد أسبوعين من تربّع عبد المجيد تبون « عرش المرادية » سنة 2019، واستقبلوا سنة 2020 استمرّ فيها حراكٌ شعبي واصل بحّ صوته في مختلف ولايات الوطن، ومؤيّدون للحلّ الذي حرص على تطبيقه الجيش يطمحون في التغيير والوفاء بوعود السلطة.

كيف كانت سنة 2020، ما هي أبرز محطاتها السياسية والأهمّ ماذا تحقّق وتغيّر؟

حكومة « إعادة تدوير النظام »

في بحر جانفي 2020 عيّن عبد المجيد تبون أوّل تشكيلة حكومية، يقودها عبد العزيز جراد، تضمّنت وجوهاً شاركت في مسيرات الحراك الشعبي وعارضت طريقة تسيير الجيش للأزمة السياسية. هذه الحكومة خلت من منصب نائب وزير الدفاع، الذي كان يشغله قائد أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح.

كما ضمت التشكيلة الحكومية وزراء تولوا مناصب وزارية في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، واستحدث فيها تبون وزارات منتدبة جديدة.

في 23 جوان 2020، أجرى تبون تعديلاً حكومياً، دائماً بقيادة عبد العزيز جراد وبوجوه طالتها انتقادات كثيرة ووصفها مراقبون بحكومة « إعادة تدوير النظام ». وتسيّر نفس الحكومة شؤون البلاد عشيّة سنة 2021.

الجيش: حبس المقربّين من قايد صالح وعودة منافسيه العسكريين

خلف اللواء السعيد شنقريحة الراحل أحمد قايد صالح في منصب رئيس أركان الجيش، عيّنه عبد المجيد تبون قائداً للأركان بالنيابة يوم 23 ديسمبر 2019.

ولم يُثبّت شنقريحة في منصبه إلّا بعد 7 أشهرٍ، ففي 3 جويلية 2020 عيّنه الرئيس رئيساً لأركان الجيش وتمّت ترقيته إلى رتبة فريق.

وتقلّد الفريق علي بن علي، في نفس اليوم رتبة فريق أوّل، وهي الرتبة الأعلى في الجيش منذ استقلال الجزائر.

كما عرفت سنة 2020، توجيه القضاء العسكري تهمة الخيانة العظمى لضباط عسكريين مقرّبين من الجنرال الراحل قايد صالح، من بينهم قرميط بونويرة والرائد درويش هشام والعميد المتقاعد غالي بلقصير.

كما أدان القضاء العسكري، مدير جهاز المخابرات الداخلية السابق اللواء واسيني بوعزة، بالسجن لمدة 8 سنوات سجنا نافذا.

وفي نفس السنة، تمّ الإفراج عن الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، وعاد الجنرال المتقاعد خالد نزار إلى أرض الوطن، الأخير الذي حكمت عليه غيابياً المحكمة العسكرية بـ 20 سنة حبساً مع إصدار مذكّرة توقيف في حقه.

عودة الجنرال نزار تزامنت أيضاً مع من نقض المحكمة العليا للأحكام التي صدرت ضد اللواء المتقاعد بشير طرطاق والفريق المتقاعد محمد مدين، وكذلك سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، المتابعين في قضية التآمر.

الحراك متواصل ويطلق مبادرات للخروج من الأزمة

تواصلت مسيرات الحراك الشعبي في الجزائر سنة 2020، إلى أن ظهرت أولّ الإصابات بفيروس كورونا.

 قرّر الحراك تعليق المسيرات وعياً منه بخطورة الوباء العالمي، إلّا أنّ نشاطه تواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما أطلق فاعلون في الحراك مبادرات سياسية للخروج من الأزمة أبرزها مبادرة نداء 22 التي ضمّت تكتّل مجموعة من المبادرات كانت قد أٌطلقت سابقاً، انخرط فيها وجوها بارزة في الحراك الشعبي.

كما نظّم الحراك تجمّعات عديدة أمام المحاكم الجزائرية، أين تمّت محاكمة نشطاءالحراك، إضافةً إلى تنظيم مسيرات وتجمّعاتٍ في عدد من ولايات الوطن رفعت فيها نفس مطالب 22 فيفري 2019.

وأكّد متابعون أنّ النظام استغل الأزمة الصحية في البلاد لقمع النشطاء ومتابعتهم واعتقالهم، وهو الأمر الذي ينافي وعود الرئاسة التي وعدت بحوارٍ مع الحراك الشعبي والذهاب نحو التهدئة.

ولا يزال الحراك الشعبي متمسّكاً بمطالبه ومؤكّدا عودته بعد انتهاء الأزمة الصحية العالمية.

سنة 2020: الحريات في خطر

وصف نشطاء ومنظمات حقوقية سنة 2020 بالسوداء فيما يتعلّق بالحريات، إذ يتواجد أزيد من 90 مواطنا في السجون الجزائرية، من بينهم سياسيين وصحفيين ونشطاء.

وتواصلت التوقيفات والملاحقات في حقّ نشطاء الحراك والصحفيين والسياسيين، بعد تولي عبد المجيد تبون رئاسة البلاد.

وعرفت سنة 2020 أقسى الإدانات منذ بداية الحراك الشعبي، إذ أدين الصحفي الحر خالد درارني بسنتين سجن نافذة بعد اعتقاله أثناء تأدية مهامه. وأدين ياسين مباركي الناشط في الحركة الأمازيغية بخنشلة بـ 10 سنوات سجن نافذة بسبب منشورات فايسبوكية، قبل أن يخفّف الحكم إلى سنة سجن نافذة.

وأدانت المحاكم الجزائرية عددا من نشطاء الحراك بالسجن بسبب آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو بسبب مشاركتهم في احتجاجاتِ.

قبل الوباء العالمي، أفرجت محاكم عن 76 موقوفا من نشطاء الحراك الشعبي دفعة واحدة، ليحاكموا خارج أسوار السجن وتمّت إدانتهم. لكن الاعتقالات والمتابعات في حقّ معارضي النظام تواصلت بعد قرار فرض الحجر الصحي.

من جهة أخرى، بقيت خلال سنة 2020 وسائلُ الإعلام مغلقة في وجه المعارضة السياسية والرأي المخالف للنظام، وهو الأمر الذي يخالف حرية الرأي والتعبير حسب الحقوقيين. كما حجبت السلطة عدداً من المواقع الإخبارية الإلكترونية من بينها « راديو ام ».

الشعب يرفض دستور عبد المجيد تبون

لم تمنع الأزمة الصحية العالمية، السلطة في الجزائر من تنظيم استفتاء على مشروع دستور عبد المجيد تبون، الذي نُظّم في الفاتح من شهر نوفمبر وعد فيه بتلبية مطالب الحراك.

إضافةً إلى غياب الرئيس عن الموعد، فشلت الطبقة السياسية الموالية للنظام من إقناع الشعب على الذهاب نحو صناديق الاقتراع، لتسجّل الجزائر أدنى مشاركةٍ منذ تاريخ استقلالها بنسبة لم تتجاوز 23,7%.

وطالت مسودّة تعديل الدستور انتقاداتٍ لاذعة خاصة وأنّ الرئيس تمسّك بالصلاحيات الكبيرة التي كان يتمتّع بها سابقه بوتفليقة، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ومسؤول الدفاع الوطني »، ويُعيّن رئيس الحكومة وكلّ الوظائف المدنية والعسكرية وحتى القضاة. المسودّة لاقت أيضاً انتقاداتِ بسبب تمريرها من طرف نفس البرلمان الذي كان يمرر مشاريع الرئيس السابق بوتفليقة.

 البرلمان الجزائري عرف مواصلة جلسات رفع الحصانة عن عدد من النواب البرلمانيين خلال سنة 2020 بطلبٍ من العدالة الجزائرية، آخرهم المعارض محسن بلعباس والوزير السابق عبد القادر واعلي.

وقبل عودته إلى أرض الوطن، دعا تبون إلى تعديل قانون الانتخابات للذهاب نحو انتخابات تشريعية مسبقة. وكان الحراك الشعبي منذ ميلاده قد طالب بحلّ البرلمان الذي تنتهي ولاية سنة 2022.

صوت المعارضة ممنوع وتركة بوتفليقة تعود للواجهة

طالب الحراك الشعبي منذ ميلاده بتغيير الواجهة السياسية للبلاد، ورحيل الأحزاب السياسية التي ساندت استمرارية الرئيس السابق بوتفليقة في الحكم.

إلّا أنّ المشهد السياسي في الجزائر لم يتغيّر سنة 2020 وبقيت نفس الأحزاب العتيدة في الواجهة، أبرزها حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.

سمحت السلطة خلال الأزمة الصحية لـ « تركة بوتفليقة » بالتجمّع في مختلف ولايات الوطن ونشّطت تجمعات شعبية خاصة خلال الحملة الانتخابية لمشروع الدستور، في وقت منعت فيه المعارضة السياسية من التجمّع مثلما حدث مع حزب الأرسيدي.

لاعبون سياسيون جدد والمشروع « الباديسي النوفمبري » ينتظر الإعتماد

وخلال سنة 2020 ظهر لاعبون سياسيون جدد في المشهد، وصفهم متابعون بـ « الواجهة الجديدة للنظام ».

كما ظهرت مبادرات سياسية جديدة من بينها تكتّل المسار الجديد الذي ضمّ وجوهاً شابة من الحراك الشعبي، يقف وراءها رئيس منظمة الاتحاد العام للطلبة الجزائريين منذر بوذن، الذي كان عضواً في إدارة حملة استمرارية بوتفليقة.

من جهةٍ أخرى، لازالت بعض الأحزاب التي ظهرت مع الحراك الشعبي قالت إنّها تنتمي إلى المشروع « الباديسي النوفمبري »، تنتظر عشيّة سنة 2021 منحها اعتمادات من طرف الحكومة.

صعبٌ التنبؤ بمستقبل المشهد السياسي للبلاد

لا طالما كان المشهد السياسي في الجزائر رواية واحدة تعدّدت فصولها، ربيعها كان 22 فيفري 2019 أين خرج شعبها رافضاً استمرارية حكم بوتفليقة أوّلا ثمّ مطالباً برحيل النظام ورموزه والذهاب نحو جزائر « مدنية ليست عسكرية ».

قاربت سنة 2020 على نهايتها، في وقت لا يزالُ الغموض يلفّ المشهد السياسي في البلاد، غموضٌ عزّزه غياب تبون عن البلاد لمدّة شهرين متتالين بسبب المرض.

ويرى متابعون للشأن السياسي، أنّ التنبؤات بمستقبل الأحداث في الجزائر بات صعباً في ظلّ الأزمة السياسية التي تزداد تعقيداً، وتبين واضحاً عدم نيّة النظام في التغيير، مع استمرار استهداف نشطاء في الحراك ومعارضين سياسيين وصحفيين ومدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.