سنة 2023، سنة غلق قوس حرية الصحافة الذي فتحته أحداث أكتوبر 88 - Radio M

Radio M

سنة 2023، سنة غلق قوس حرية الصحافة الذي فتحته أحداث أكتوبر 88

Radio M | 03/05/23 14:05

سنة 2023، سنة غلق قوس حرية الصحافة الذي فتحته أحداث أكتوبر 88


يمكن تصنيف سنة 2023 كسنة غلق قوس حرية الصحافة الذي فتحته أحداث أكتوبر مم عام 1888، والأحداث التي تؤكد هذا التوجه كثيرة
أجمع الصحفيون في الجزائر على وصف قانون الاعلام الصادر سنة 1990 بقانون عقوبات مكرر، وذلك بالنظر الى العدد الكبير من الممنوعات الواردة فيه والعقوبات التي تقابلها. وظل الرهان على مدى العقود الماضية، هو رفع الطابع الجزائي على جنح الصحافة، بينما حرصت السلطة على إرجاع ما تلغيه في قانون الاعلام عبر قانون العقوبات
ولأن الجزائر مطالبة باحترام المقاييس الدولية في مجال حرية الصحافة، وجدت أمام حتمية إدراج مبدأ « لا سجن للصحفي بسبب ممارسته مهامه ». لكن النظام الشمولي لا يمكن تكييفه مع الديمقراطية، وتأكد هذا بسرعة عندما انطلقت السلطة القائمة في الجزائر وفي مقدمتها الرئيس عبد المجيد تبون، في رحلة البحث عن الصفات التي تلصق بالصحفي لتبرير سجنه دون الوقوع في خرق الدستور
وهكذا وصف تبون الصحفي خالد درارني ب »خبارجي » ووصف مراسل ليبرتي من تمنراست، رابح كارش، ب »مشعل النار »، فيما قاد وزير الاتصال حملة إعلامية لنفي صفة الصحفي على خالد درارني، وتابعت محكمة تمنراست رابح كارش على نشر مقالاته في وسائل التواصل الاجتماعي لا على مقالاته في حد ذاتها… ا
هكذا فتحت السلطة أبواب جهنم على الصحافة والصحفيين. وإذا أضفنا تعديل المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، نجد نشاط الإعلام في مقدمة الأنشطة المهددة بالوقوع تحت طائلة ممارسة نشاط إرهابي. وقد توبع عدة صحفيين على هذا الأساس، منهم إحسان القاضي، قبل أن يستفيد من انتفاء وجه الدعوى في هذه القضية. في حين مازال الصحفيان سعيد بودور وجميلة لوكيل محل متابعة بالانتماء إلى منظمة إرهابية
ولاتمام تجريم العمل الصحفي، جاء قانون الاعلام الجديد الذي صادق عليه البرلمان في غرفته الأولى، في انتظار رفع تحفظات الغرفة الثانية، بعنصر جديد في تاريخ التشريع الجزائري في مجال الاعلام، ويتمثل في استحداث صنفين من الصحفيين، هما الصحفي المحترف والصحفي المتربص. ونفهم من خلال الممارسة اليومية، أن كل صحفي لا يستجيب للشروط التي وضعها القانون الجديد سيفقد صفة الصحفي، ومن ثمة يصبح معرضا للسجن وكل من بتعامل معه نعرض للسجن كذلك
وتعتقد الحكومة، وعلى رأسها وزير الاتصال، أن هذه الحيلة القانونية تكفيها لتقديم نفسها كحكومة تحترم القواعد الديمقراطية وحرية الصحافة لدى الهيئات الدولية. ويتضح هذا من خلال ردود مختلف ممثلي السلطة، من وزير العدل إلى لجنة حقوق الانسان، على المراسلات التي تطالبها باحترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة. وتناست الحكومة في هذا الإطار أنها مطالبة بمطابقة قوانينها مع المعاهدات الدولية التي أبرمتها الجزائر، ومن هذه المعاهدات، المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية وكذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان… ا
الورقة الثانية التي استعملتها الحكومة لخنق لاخضاع الصحافة واختزال عملها في الترويج لقراراتها وسياساتها، هي ورقة الإشهار ووضع شروط تعجيزية تعيق دخول رجال الأعمال الخواص في الصناعة الإعلامية. وهكذا قرر صاحب مجمع « سيفتال » إسعد ربراب، غلق يومية « ليبرتي » التي يملك أغلبية أسهمها. بينما تدخل وزير الاتصال لدى للعدالة للمطالبة بإلغاء صفقة شراء نفس رجل الأعمال مجمع « الخبر » الذي يعتبر أكثر المجمعات الإعلامية نجاحا في الجزائر على الصعيد الاقتصادي
لكن النجاح الاقتصادي تحول إلى نقمة، على الخبر التي ضمنت استقلاليتها عن الحكومة إلى حد بعيد بفضل مطابعها وكذا استقطابها الإشهار الخاص. فكان الوزير حميد قرين، يأمر علنية رجال الأعمال بعدم نشر إشهاراتهم في صحيفة الخبر. وقد استجاب رجال الأعمال بنسبة كبيرة لأوامر الوزير الموجود اليوم تحت الرقابة بسبب تسييره لقطاع الاتصال. أما الخبر فأصبحت تحت رحمة صفتي الإشهار التي تمنحها الوكالة العمومية « آناب ». وقد قررت هذه الوكالة الاخلاء بالتزاماتها التعاقدية مع الخبر منذ أكثر من أسبوعين. ما يعني أن يومية الخبر، واحدة من أعرق الصحف المستقلة في الجزائر، مهددة بالزواج
يومية الوطن، الناطقة بالفرنسية، عاشت نفس الضغوط، واضطر لتقديم تنازلات كبيرة في خطها الافتتاحي نظير الحصول على الإشهار العمومي وتفادي الزوال. وبسبب غلق منافذ الإشهار والاستثمار، خلقت الحكومة نموذجا إقتصادية فريدا من نوعه في العالم، يتمثل في إنشاء صحيفة ورقية تحصل من خلالها على الإشهار العمومي، ثم تحويل هذه المداخيل الاشهارية إلى مشاريع إعلامية في للمجال التلفزيوني والالكتروني
ولكون الإشهار العمومي لا يكفي لتمويل أصغر مؤسسة إعلامية، فقد دخل قطاع الاعلام في الجزائر، بفعل النموذج بلاقتصادي الذي فرضته الحكومة، إلى قطاع يهاني الهشاشة الاجتماعية و الرداءة المهنية، دون الحديث عن انعدام حرية التعبير والابداع فيه. وبعبارة أخرى، تحول إلى مصدر لثراء أصدقاء من ينفذون سياسة السلطة حاليا، بينما النشاط الإعلامي آيل للزوال في بلادنا