دخل عمال وصحفيو « الوطن »، اليوم، في إضراب ليومين اثنين، على أن يتجدد لمدة ثلاثة أيام الأسبوع القادم. وفي حالة استمرار الأزمة سيتوقف العمال والصحفيون عن العمل لمدة أربعة وهكذا، إلى أن يصبح الإضراب مفتوحا. جاء هذا الإضراب بعد تأخر أجور العمال والصحفيين لمدة تقارب الخمسة أشهر، كما نقرأ في بيان الفرع النقابي للمؤسسة.
الوطن ستختفي إذن عن الأكشاك غدا وبعد غد، في سابقة تاريخ هذه الصحيفة الناطقة بالفرنسية. فقد سبق للوطن أن غابت عن قرائها إما بسبب تعليقها بقرار فوقي، مثلما حديث بداية التسعينيات، حين قررت السلطات العمومية معاقبتها عن نشر خبر عملية إرهابية ذهب ضحيتها مجموعة من الجنود في ولاية الأغواط. وغابت الوطن عن قرائها أيضا في مناسبات أخرى بسبب إضراب الناشرين والصحفيين، ليس بسبب الأجور والضائقة المالية، بل لمواجهة قرارات تعسفية كانت تصدر من السلطات العمومية ضد الصحف والصحفيين. ا
تعيش قاعات تحرير ومختلف مصالح يومية الوطن منذ صبيحة اليوم، أجواء غير عادية. العمال والصحفيون حاضرون، لكنهم غادروا مكاتبهم إما للالتقاء من أجل التشاور والبحث عن حلول لوضعيتهم الاجتماعية التي لم يفكروا فيها يوما، أو للانعزال في زاوية ما والتفكير في المصير الشخصي بعد طول السنين التي قضوها في هذا المقر الضيق الذي شهد ميلاد الصحيفة بدار الصحافة طاهر جاووت. مع العلم أن الوطن شيدت مقرا يليق بحجمها وسمعتها منذ سنوات، لكن السلطات العمومية منعتها من التنقل إلى مقرها الجديد بحي العناصر، شرق العاصمة بسبب تحفظات تقنية عن البناية.
هناك من بين العمال والصحفيين من إلتحقوا بالمؤسسة في أعدادها الأولى ولم يتوقعوا أن يأتي يوما ستعجز مؤسستهم عن دفع رواتبهم لمدة خمسة أهؤ كاملة. « خمسة أشهر طويلة إختار العمال مواصلة عملهم من أجل السماح بصدور الصحيفة » يضيف البيان. لكن « أمام إستحالة مواصلة تحمل العبء لوحدهم » إجتمع العمال والصحفيون الأجراء في إطار نقابة المؤسسة ل »اتخاذ الموقف الضروري، في إطار القانون وفي حدود المنطق ». ا
العمال المضربون يحملون الإدارة مسؤولية « عدم تقديم أي مخطط لحل الأزمة للشريك الاجتماعي » وزيادة على « عجزها عن حل الأزمة الأزمة فإن الإدارة لم تفتح أي حوار جدي » مع النقابة. وعبر بيان العمال والصحفيين المضربين، عن إرتياحه لكونهم « أثبتوا إلتزامهم بالدفاع عن إستمرارية المؤسسة » وأن خيار اللجوء إلى الإضراب « إتخذوه بكل روح مسؤولية ». ا
سليمة تلمساني، هي الأمين العام للفرع النقابي، إلتقيناها في مكتبها أثناء إعداد البيان رقم 01 ، وتقول ل »راديو أم » أن الوطن تعاني فعلا من تجميد حساباتها منذ شهر مارس بسبب مشاكل مع مصالح الضرائب ومع البنك، فماذا عسانا أن نفعل نحن العمال والصحفيين ؟ هل نواصل العمل دون أجر أم نقتل الصحيفة بالتوقف عن العمل؟ قررنا بعد التشاور مع الجميع، علما أن نقابتنا تمثل جميع العمال وليس الصحفيين فقط، منح الوقت الكافي للمستخدم حتى يجد الخل للأزمة. لكن هذا الوضع تجاوز الآن أربعة أشهر ». العمال والصحفيون يشتغلون، بإمكاناتهم الخاصة، دون راتب ودون رؤية واضحة للمستقبل. ولهذا السبب تضيف سليمة تلمساني « الوضع لم يعد يحتمل فقررنا الدخول في إضراب دوري « . ا
الحوار لم ينقطع بين الإدارة والنقابة، غير أنه « حوار دون نتيجة مادام الإدارة للتقدم حلولا وتقول في كل مرة انها تنتظر رد مصالح الضرائب أو رد البنك » . هي إذن حالة إنسداد ؟ « نعم أصبحنا في حالة إنسداد » تجيب سليمة تلمساني بحيرة، معتبرة الحل يأتي من الإدارة وليس من العمال والقانون ينص على عدة طرق لتسيير حالات الأزمات المالية في المؤسسات، منها فتح رأس المال أو البحث عن الاقتراض نقدا… ا
لا أحد من الإدارة أو المساهمين في المقر لأخذ وجهة نظر المسيرين في الوضعية. حان موعد مغادرتنا مقر المؤسسة ، حين دخل المساهم، علي غيسام، وهو عضو اللجنة المتساوية الأعضاء.
كتلة الأجور بلغت مليار و300 مليون سنتيم
علي أقسام تحدث معنا دون مقدمات عن وضعية مؤسسة الوطن، معترفا أن المساهمين « كلهم صحفيون جاؤوا من القطاع العمومي بالعقلية الاشتراكية وفشلوا في وضع هياكل حقيقية لتسيير المؤسسة »
في المقابل يحمل علي غيسام العمال والصحفيين جزء من المسؤولية، كونهم « تأخروا كثيرا في تأسيس فرع نقابي وطرح مشاكل التسيير »
اليوم مؤسسة الوطن تشغل قرابة 150 عامل وكالة أجورها بلغت مليار و300 مليون سنتيم شهريا. ما يجعل المؤسسة بحاجة إلى مخطط لتقليص الموارد البشرية، لكن هذا المخطط يستدعي دفع تعويضات. والمؤسسة غير قادرة على دفع الأجور الشهرية، فكيف يمكنها الخروج من هذه « الفقاعة » على حد تعبير محدثنا؟ الجواب « الوضعية قابلة للتسيير، لقد وضعنا كل مكاتب الصحيفة في الولايات للبيع. الوطن تملك عقارات كثيرة تسمح لها بالاستمرار ولقد قررنا في الجمعية العامة العادية التي عقدناها مؤخرا أن نحافظ على الصحيفة ومن يريد غلقها ما عليه إلا أن يرتدي حذاءه العسكري ويحضر هنا لغلق المقر كما كانوا يفعلون في السابق » يقول علي غيسام الذي كشف لنا أن المساهمون سيعودون جمعية عامة ثانية قريبا ل »تجديد قرارهم بالحفاظ على الصحيفة وإستبعاد أي احتمال غلقها وإعلان إفلاس المؤسسة ». ا
م. إيوانوغن