عودة الجدل حول التعريب في الجزائر: لماذا الآن وهل ذلك مُمكنٌ فعلا ؟

Radio M

عودة الجدل حول التعريب في الجزائر: لماذا الآن وهل ذلك مُمكنٌ فعلا ؟

Radio M | 29/10/21 15:10

عودة الجدل حول التعريب في الجزائر: لماذا الآن وهل ذلك مُمكنٌ فعلا ؟

عاد النقاش والجدل مُجدّدا حول مسألة تعميم اللغة العربية واستبدال اللغة الفرنسية بها، يحدث ذلك في ظلّ تأزّم العلاقات مع فرنسا وشهرٍ يفصل الجزائر على تنظيم الانتخابات المحلية، ما جعل متابعين يتساءلون ما إذا كان هذا القرار ورقًة لمُغازلة الهيئة الناخبة أم ردّة فعلٍ عقب تصريحات فرنسا.

صنعت مسألة فرض اللغة العربية في التعاملات داخل الوزارات والمؤسسات العمومية، أيضا الجدل على مواقع التواصل الإجتماعي، بين من يعارضها ويعتبرها قرارا لإلهاء الرأي العام عن الوضع الإجتماعي والسياسي الذي تعيشه البلاد، ومن يعتقد أنّها قرار صائب خاصّة وأنّ العربية مُدسترة كلغة وطنية.

من جهة أخرى، أخذت هذه المسألة كذلك بعدا ايديولوجيا، بين من يعتبر أن معارضي تعميم اللغة العربية في التعاملات ينتمون إلى تيار معادي للتيار الوطني، الأخير الذي لا طالما طالب بعدم التعامل بغير اللغة العربية، سواءً بالنسبة للمسؤولين في الدولة والوزارات وحتى المؤسسات العمومية.

أميرة بوراوي: تعميم اللغة العربية في مجال الطب مستحيل

ترى المناضلة السياسية والطبيبة المختصة في أمراض النساء، الدكتورة أميرة بوراوي أنّ « تعميم اللغة العربية في قطاع الصحة مستحيل اليوم، حيث لا وجود لمقالات علمية وكتب طبّ باللغة العربية »، مشيرة إلى أنّ « ترجمة محتواها العلمي سيضع الجزائر محلّ سخرية ويُضعف القطاع أكثر مما هو عليه اليوم ».

وأكدّت الدكتورة أميرة بوراوي في تصريح لـ « راديو أم » أنّ « طلبة العلوم الدقيقة عامة والطب خاصة، يدرسون في الأطوار الثلاث باللغة العربية ثمّ يُصدمون وهم في الجامعة بالدراسة باللغة الفرنسية، الأمر الذي يجعل مشوار تخصصهم صعبا للغاية »، مُبرزةً أنّ « أغلب أبناء المسؤولين في البلاد يدرسون باللغة الفرنسية خلال الأطوار التعليمية الثلاث، ما يجعل دراستهم في الجامعة أمرا سهلا، عكس أبناء الشعب البسيط ».

من جهة أخرى، وصفت المناضلة السياسية قرار تعميم اللغة العربية اليوم في الجزائر بالقرار الديماغوجي: « إنّه قرار ديماغوجي، حيث اتُخذّ قبل الانتخابات ليتم إلهاء الشعب عمّا هو أهمّ ».

ناصر حمدادوش: تجميد قانون تعميم اللغة العربية سنة 1998 جريمة في حق أحد أركان الهوية الوطنية »

أمّا البرلماني السابق والقيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، تأسّف من تواصل الجدال الداخلي حول مسألة التعريب، بعد أزيد من 60 سنة على استقلال الجزائر.

وقال ناصر حمدادوش في تصريح لـ « راديو أم » إنّ « اللغة العربية هي لغة وطنية مُدسترة، ومكانها الطبيعي في كل مؤسسات الدولة لأنّها مظهر من مظاهر السيادة الوطنية ».

واعتبر القيادي في « حمس » أنّ « تجميد قانون تعميم اللغة العربية سنة 1998 جريمة في حق أحد أركان الهوية الوطنية » مُتسائلا : « فرنسا تفرض تعميم اللغة الفرنسية على جميع مؤسساتها بما فيها المؤسسات الاقتصادية والعمومية، فلماذا هذا الاستغراب من تعريب الإدارات والقطاعات الوزارية بالجزائر ».

في السياق، أوضح حمدادوش أنّه « لا حرج في تعدّد اللغات في مجال العلوم والبحوث والثقافة ».

كما شدّد ذات المسؤول الحزبي على ضرورة أن تكون هذه القرارات « خيارا استراتيجيا ودائما، وأن تُوفّر له كل الإمكانيات، وليس ردّة فعل سياسي سواء ضد فرنسا أو تيار ايديولوجي هنا أو هناك ».

الباحث في اللسانيات ياسين تيملالي : النظام الجزائري يستعمل مسألة اللغة كورقة للتفاوض مع حلفائه

اعتبر الباحث في اللسانيات، الأستاذ ياسين تيملالي، أنّ « جميع القرارات في مجال اللغة هي قرارات سياسية، آخرها جاءت في ظل تأزم العلاقات مع فرنسا، إلى جانب قرب الانتخابات المحلية ».

ودعا الباحث في اللسانيات في تصريح لـ « راديو أم » إلى عدم إعطاء لهذه القرارات حجما أكبر مما هي عليه في الواقع، مُوضّحا: « للجزائر قانون خاص بتعميم اللغة العربية لم ير النور أبدا، لأنّ النظام الجزائري يستعمل مسألة اللغة كورقة للتفاوض مع حلفائه وداعميه ».

وأشار ياسين تيملالي إلى أنّه  » تمّ التصويت على قانون تعميم اللغة العربية قبل الأزمة السياسية والأمنية التي عرفتها البلاد بداية التسعيينيات، ذلك من طرف برلمان أفلاني بهدف مغازلة الإسلاميين ».

وأضاف تيملالي أنّ « القانون جُمّد بعدها، عندما تغيّر حلفاء النظام، الذي صار حليفا مع أحزاب سياسية داعمة لبقاء اللغة الفرنسية »، مواصلا: « رأى القانون النور مرّة أخرى في نهاية التسعيينيات، عندما كان النظام بحاجة إلى دعم أحزاب إسلامية، لكن لم يدخل حيز التنفيذ إلى يومنا هذا ».

وأبرز ذات المتحدّث أنّ  » القرارات في مجال اللغة هي قرارات رد فعل وليست قرارات تتخذ بعد مشاورات حقيقية وحوار وطني ديمقراطي ».

سمير لرابي: قضية التعريب هي حملة من أجل « الخبزة النتنة »

قال عضو الأمانة الوطنية لحزب العمال الاشتراكي، سمير لرابي، إنّ « الجدل القائم حول ما سمي بتنحية استعمال اللغة الفرنسية يهدف فقط إلى محاولة التموقع السياسي و الولوج الى الريع لبعض الأطراف والجماعات ».

وأوضح سمير لرابي في منشور على الفايسبوك أنّ « النقاش والضغوطات حول قضية التعريب هي حملة من أجل « الخبزة »، لكنها خبزة قذرة ونتنة تهدف لإعادة إنتاج الإخفاقات السابقة ».

ويرى المتاضل في حزب العمال الإشتراكي أنّ أصحاب هذا القرار همّهم « تطوير اللغات الوطنية والمدسترة، لكن لا أحد تطرق إلى تطوير اللغة الأمازيغية، باعتبارها ايضا لغة الشعب الجزائري ومعترف بها دستورياً كلغة وطنية ورسمية ».

منشورات ضدّ ومع القرار وأخرى ساخرة !

قرار تعميم اللغة العربية بدل الفرنسية صنع جدلا على مواقع التواصل الإجتماعي بين ساخرٍ، معارضِ ومؤيّد لها.

علّق المحامي عميروش باكوري عن القضية بالقول: « لا يمكن تعميم أي لغة في نظام يحارب التعبير ».

في حين كتب الصحفي والمناضل السياسي عبد الكريم زغليش على صفحته الفايسبوكية:  » النظام لم يحاول تغيير العملة لاسترجاع الأموال الموجودة في السوق الموازية وهذا أمر استراتيجي، ويتلاعب بتغيير اللغة في الإدارة وهو يعلم أن اللغة في العقول وليس في الاوراق ».

وقال المدوّن ومعتقل الرأي السابق وليد كشيدة : « العربية هي الحل لكل مشاكلنا ومن يرفض التعريب فهو يريد الخراب للبلاد والهلاك للعباد » في تعليق على صورٍ نشرها على حسابه الفايسبوكي.

أمّا المدوّن نزيم باية فاقترح (ساخرا):  » أنا أقترح نحيو ڤاع اللغات، واحد ما يهدر مع واحد »، أي: « أنا أقترح عدم التعامل بأي لغة، لا أحد يُكلّم الآخر ».

وانقسم أيضا موقع التواصل الإجتماعي « تويتر » بين مؤيّد ومعارض للقرار

https://twitter.com/Don_Inuyasha1/status/1452993473892782080?fbclid=IwAR3ZTfvHoQqAxAVvkMrTEN7mAzkHi6bE5R3bRi1jsBT-vIEIY8Bc440cGlM
https://twitter.com/Iceberg71681269/status/1453358411240943623?fbclid=IwAR3tJCeFdRu7qhPGlS0FK1S9ii6O4otRF344vxPBCDbGoY5KQ-C7ip1AHN0

كـنزة خاطو