مَرت أزيد من 15 يوماً على تقديم المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، لتقريره إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول ملف الذاكرة، في وقت لم يُصّدر الطرف الجزائري ممثلاً في عبد المجيد شيخي، أي ردة فعل، كما لم يظهر آثر للتقرير الذي من المقرّر أن يُسلمه إلى الرئيس عبد المجيد تبون المتواجد حالياً في ألمانيا للعلاج منذ العاشر من جانفي الماضي.
ويبدو ستورا منفراداً بالساحة والمشهد بخصوص النقاش الدائر حيال ملف الذاكرة التاريخية بين بلده فرنسا والجزائر، بعدما صَنع تقريره ردود فعل مُنددة بشأن رفض الاعتراف بالجرائم الاستعمارية إبان الثورة التحريرية (1830-1962)، الأكثر من ذلك أن ستورا ردَّ على الجدلـ بالقول إنّه فُوجئ بـ « الصدى الإعلامي » الذي أثاره تقريره « ما يدل على أن مسألة حرب الجزائر ما زالت موضوعاً ساخناً ».
وفي آخر تصريح له، قال المؤرخ الفرنسي، في حوار مع الجريدة الجزائرية « لكسبريسيون » الناطقة بالفرنسية « لقد قلت وكتبت في تقريري أنني لا أرى مانعاً من تقديم اعتذارات من فرنسا للجزائر على المجازر المرتكبة، لنكن واضحين: ليس هناك في تقريري شعار « لا اعتذار ولا توبة ».
وأشار ستورا إلى أن عمله ومقترحه « لم يكن كتابة تاريخ الجزائر المعاصر، ولكن تقدير آثار حرب التحرير في تشكيل مختلف جماعات الذاكرة في فرنسا ». وأضاف « بدل رفض (التقرير) بشكل كامل، أعتقد أن من المهم استخدامه كنقطة انطلاق للنهوض بقضية الجزائريين ».
وقبل صدور تقرير ستورا، قال المؤرخ شيخي، إن عمل نظيره ستورا يخص « فرنسا وحدها ولا يهمنا ما يقوم به، نحن كجزائريين أمورنا واضحة وموقفنا، ولن ننسى أو نطوي صفحة الماضي »، كما اعترف في تصريحات إذاعية شهر ديسمبر 2020، أن ملف استرجاع الأرشيف والذاكرة الوطنية يُراوح مكانه بسبب سوء نية الطرف الفرنسي.
وفي انتظار الرد الرسمي، أطلق برلمانيون جزائريون حملة شعبية لجمع مليون توقيع من أجل الضغط لسن قانون محلي لتجريم الاستعمار الفرنسي، دعا العميد بوزيد بوفريوة، رئيس قسم هندسة القتال بقيادة القوات البرية، فرنسا إلى تحمل مسؤوليتها تجاه مخلفات تجارب نووية، قامت بها في صحراء البلاد، خلال ستينيات القرن الماضي.
وقال العميد في مقابلة نشرتها مجلة الجيش لسان حال المؤسسة العسكرية في عددها لشهر فبراير أنه « بعد أكثر من 60 سنة على هذه التجارب، تصر فرنسا على إخفاء الخرائط التي من شأنها الكشف عن أماكن مخلفات هذه التفجيرات، فضلا عن رفض تعويض ضحاياها ».
وذكر بوفريوة، أن « فرنسا مطالبة بتحمل مسؤوليتها التاريخية حول التجارب النووية »، التي أجرتها بالصحراء الجزائرية، بلغ عددها 17، في الفترة ما بين 1960-1966، وفق مؤرخين.
وأردف: « خاصة بعد مصادقة 122 دولة بجمعية الأمم المتحدة في 7 يوليو 2017، على معاهدة جديدة لمنع استخدام الأسلحة النووية »، موضحا أنّ المعاهدة « تعترف بصورة واضحة وصريحة بمبدأ أن المُلوث يدفع (تعويضات)، وهذه المرة الأولى التي يطالب فيها المجتمع الدولي القوى النووية بمعالجة أخطاء الماضي ».
ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ، في جانفي 2020، بعدما صادقت عليها 122 دولة، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، فيما رفضت دول المصادقة عليها، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين.