السلطة تسعى لحل جمعيات عمرها 30 سنة: تصنيف المقاهي الأدبية كنشاط تجاري قائم بذاته وخاضع للترخيص - Radio M

Radio M

السلطة تسعى لحل جمعيات عمرها 30 سنة: تصنيف المقاهي الأدبية كنشاط تجاري قائم بذاته وخاضع للترخيص

Radio M | 09/10/22 19:10

السلطة تسعى لحل جمعيات عمرها 30 سنة: تصنيف المقاهي الأدبية كنشاط تجاري قائم بذاته وخاضع للترخيص

تشن السلطات العمومية عبر مختلف ولايات الوطن، حملة متابعات قضائية ضد الجمعيات الأكثر تجربة في الساحة الجمعوية الوطنية

فجمعية « راج » التي صدر في حقها قرار الحل من المحكمة الادارية، تأسست عام 1992 وتأسست جمعية « أس أو أس باب الوادي » التي سجن رئيسها، ناصر مغنين، لمدة عام، كرد فعل للارهاب الذي خيم على يوميات سكان حي باب الوادي في التسعينيات

كذلك الحال بالنسبة لجمعية صحة سيدي الهواري، بوهران، التي طلب والي وهران بحلها وإستجاب له القضاء بعد أكثر من 30 سنة من النشاط. وجاء دور « كاريتاس » وهي مصلحة تابعة لجمعية الأساقفة الكاتوليك، لتطلب منها السلطات العمومية وقف نشاطها. في حين يواجه مناضلو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان متابعات قضائية لا تنتهي، بعضها يقع في خانة المادة 87 مكرر، مثلما هو حال قدور شويشة وسعيد بودور وحسان بوراس والقائمة طويلة  

وآخر جمعية تواجه شكوى بالحل ستنظر فيها محكمة بجاية يوم 11 أكتوبر، هي جمعية « أزداي اذلسان نأوقاس » أو المركز الثقافي لأوقاس التي تأسست عام 1989. وإشتهرت هذه الجمعية وطنيا بفضل المقهى الأدبي الذي أطلقته عام 2014، ونظمت من خلاله سلسة من الندوات والملتقيات الفكرية والفنية

ومقابل حل الجمعيات ذات التجربة الطويلة في الحياة الجمعوية، تفتخر السلطة بإعتمادها آلاف الجمعيات الجديدة في ظرف قياسي. من بين الأرقام التي أطلقتها في هذا الاطار، رقم 2635 جمعية أعلن عنه المستشار السابق للرئيس عبد المجيد تبون، نزيه بن رمضان

نظام التصريح كعربون حسن نية مقابل إرادة قمعية لاحتواء الساحة

يحدث هذا تزامنا مع تحضير السلطة مشروع قانون جديد للجمعيات، تكييفا مع دستور سنة 2020. لكن المفارقة أن الدستور الجديد ينص على إلغاء نظام الاعتماد في مجال ممارسة الحريات السياسية والجمعوية والنقابية والاعلامية، وتعويضه بنظام التصريح. حيث يكفي إيداع ملف لدى الجهة الوصية لإطلاق جمعية أو حزب أو منظمة نقابية أو وسيلة إعلامية. لكن هذا نظريا فقط، بما أن نظام التصريح إستعملته السلطة لمنع مسيرات الحراك الشعبي التي كانت تشهد خروج مئات الآلاف من المواطنين كل يوم جمعة في العاصمة وكل المدن الجزائرية

كما أطلقت سلسلة من الاجراءات القضائية ضد الأحزاب المحسوبة على الحراك الشعبي، كالأرسيدي والأمدياس والاتحاد من أجل التغيير والرقي. بينما صدر قرار الحل في حق الحزب الاشتراكي للعمال وواجه حزب العمال في المقابل محاولة إنقلاب على قيادته بعدما سجنت زعيمته، لويزة حنون، لمدة تسعة أشهر

ولم تنته بعد محالولات السلطة لإعادة رسم الخارطة السياسية والجمعوية والاعلامية، بل تأخرت العملية بتأخر صدور القوانين الجديدة التي ستواجه فيها إشكالية جد معقدة، تتمثل في كيفية مطابقة إرادتها القمعية وفرض الأحزاب والجمعيات ووسائل الاعلام التي تخدم أجندة الفريق الحاكم الجديد، مع مبدأ التصريح الذي أدرجته في الدستور كعربون حسن نية عندما كانت تسعى لإقناع شركائها الأجانب بجدوى الاصلاحات التي تباشرها، وكانت تسعى لإقناع المواطنين بجدوى المشاركة في الاستفتاء على الدستور

من جهة أخرى باشرت السلطة إجراءات قانونية لم تعلن عنها، تنفيذا لمخطط إعادة رسم المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي والاعلامي، دون الاعلان عن ذلك. ومن هذه الاجراءات، إصدار مدونة جديدة للنشاطات التجارية. وقد حذفت السلطة من هذه المدون نشاطات يزاولها العديد من الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الصغيرة منذ سنين طويلة، كمؤسسات الاتصال التي إختفت فجأة من مدونة النشاطات التجارية وأضحت مصالح السجل التجاري ترفض تعديل أو تجديد السجلات التجارية للمؤسسات النشطة في هذا المجال.

في المقابل ظهرت في المدونة الجديدة نشاطات تجارية لأول مرة، وربما في سابقة عالمية، كالمقاهي الأدبية التي أصبح لها رقم خاص بها في السجل التجاري. المقاهي الأدبية وضعت باللون اخضر في مدونة النشاطات التجارية، ما يعني أنها خاضعة للترخيص، وتحمل رقم 601305. وعندما ندخل إلى هذا الرقم لمعرفة طبيعة نشاط المقاهي الأدبية نجد، ثلاث محاور هي « إستهلاك المشروبات غير الكحولية ساخنة أو باردة بعين المكان، حلوى، حلويات، هلاليات و منتوجات مشابهة » ثم « تنظيم التظاهرات الثقافية مثل اللقاءات الأدبية ، الشعرية ، معرض الفنون التشكيلية، موسيقى ، إلخ  » وثالثا « الإطعام ». فكيف إستطاعت السلطات الجزائرية أن تجمع بين الاطعام والمشروبات والتظاهرات الثقافية في سجل تجاري موحد؟ وماهي المقاييس التي جعلتها تصنف التظاهرات الثقافية كنشاط تجاري؟ أسئلة تصعب الاجابة عليها بإستخدام العقل والمنطق، وتسهل الاجابة بمجرد لتفكير بالمنطق الأمني القائم على إستراتيجية إحتواء كل نشاط في المجتمع ومراقبته وتحييد من لا ترضى عليهم السلطة وسجنهم إن إقتضت الضرورة أو دفعهم لمغادرة البلاد

محمد إ