صنعت يومية « ليكسبريسيون » اليوم الحدث مرتين: الأولى عبر الندوة الصحفية التي عقدها أحمد فتاني اليوم، الاثنين، بصفته مديرا سابقا ليومية « ليبرتي » ومساهما في الشركة الناشرة لهذه الصحيفة التي أغلقت بقرار من مالكها الرئيسي منذ يوم 14 من الشهر الجاري. أما الحدث الثاني، فيتمثل في تخصيصها ملفا كاملا للحديث عن فشل حكومة أيمن بن عبد الرحمان.
« ليكسبريسيون » إعتمدت في تحليلها على نفس المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي كلفت صحفا أخرى وصحفيين إنتقادات لاذعة من الرئيس عبد لمجيد تبون نفسه. ولا شك أن إتقادات تبون ووصفه ليبرتي بالجريدة التي « لا تحمل من لجزائر إلا الاسم » هي التي مهدت لاختفاء هذه الصحيفة بعد 30 سنة من التجربة. وكان ذلك بسبب نشر ليبرتي في صفحتها الأولى صورة عن رفوف فارغة في المراكز التجارية. كما كلفت الصفحة الأولى ليومية الخبر التي تحدثت عن إنخفاض القدرة الشرائية بنسبة 60 بالمائة إستدعاء طاقمها من قبل مصالح الأمن، زيادة على إنتقادات تبون عبر التلفزيون مباشرة.
وكل هذه الحقائق الميدانية نجدها اليوم في الصفحة الأولى لصحيفة رائدة من حيث واردات الاشهار العمومي. هل يعتذر تبون للصحف والصحفيين الذين أساء لهم ويقيل الحكومة؟ إذا إعتبرنا « ليكسبريسيون » من الجرائد المأذون لها نقل خبايا النزلاء الجدد في قصر المرادية، فإن الجواب نعم، حيث عنونت هذه الأخيرة إفتتاحيتها بعبارة « بن عبد الرحمان في عين الاعصار؟ » بينما خصصت صفحتها الأولى لصورة عن البطاطا وعنوان « الحكومة إنحرفت ».
تتزامن خرجة « ليكسبريسيون » مع إعلان النقابات الجزائرية لقطاع الوظيف العومي الدخول في إضراب ليومين الأسبوع القادم. وقبل هذه التطورات كان المجلس الأعلى للأمن قد إجتمع وحذر النقابات لمستقلة من أي إحتجاج عن الوضع الاجتماعي المتدهور، وصنف الاضرابات والاحتجاجات الاجتماعية في خانة التآمر على إستقرار البلاد، وحتى إنتقادات النواب واجهتها الحكومة بالتهديد بإستخدام رفع الحصانة البرلمانية…
حكومة أيمن بن عبد الرحمان إذن تكون قد إستفادت من دعم المؤسسة العسكرية ومن دعم الرئيس تبون منذ تعيينها، وخصص لها هؤلاء أجهزة الأمن لمنع أي إنتقاد إعلامي لسياستها وأي معارضة سياسية وأي إحتجاج نقابي… لكن الظاهر أن السلطة بأجهزتها الأمنية المختلفة وجهازها القضائي لم تعد قادرة على إخفاء الحقائق الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذه الحالة ستضطر السلطة لعدم مواجهة إضراب نقابات قطاع الوظيف العمومي بالقمع على الأقل.
وإذا إنطلقت لاحتجاجات والاضرابات ضد سياسة الحكومة فإن حكومة أيمن بن عبد الرمان لن تصمد لأكثر من أيام قليلة بالنظر للغليان الاجتماعي الذي نلمسه يوميا وفي كل مكان. والاشكال الذي سيواجهه تبون في الأيام القادمة لا يتعلق بتحديد مصير بن عبد الرحمان وفرقه لحكومي، بل بمن سيخلفه؟ هل يأتي بوزير أول تكنوقراطي آخر وما هي الكفاءة اللازمة في الرجل التكنوقراطي حتى يقود الحكومة بكيفية أحسن من بن عبد الرحمان؟ أم سيلجأ أخيرا لتعين وزير أول سياسي وبالتالي يمنح الحكومة مهام أوسع من تلك التي تقوم بها حاليا؟ فمشكلة الحكومة الحالية أن مهمها إقتصرت على تسيير الأرقام لاقتصادية ونجحت في ذلك إفتراضيا، لكن فشلت في تهدئة الجبهة الاجتماعية. بينما مشكلة الجزائر هي متعددة الأبعاد، بدأ من البعد السياسي وأزمة الشرعية التي تعاني منها السلطة التنفيذية وإمتدت هذه الأزمة لتشل كل مؤسسات الدولة.
م. إيوانوغن