تتوالى ردود الفعل السياسية، حيال إعلان الرئيس عبد المجيد تبون (75 سنة)، عن إعطاء الضوء الأخضر لمستشاريه في الرئاسة لتحضير قانون الإنتخابات، تمهيداً لإجراء انتخابات تشريعية ومحلية، وهي ثاني وعد قطعه عقب تسلمه لمقاليد الحكم نهاية 2019، إذ تَمثّل وعده الأول في تعديل الدستور الذي يَنتظر المصادقة عليه، بالرغم من المقاطعة الواسعة التي شهدها استفتاء نوفمبر.
في السياق، استغرب حزب العمال الذي تتزعمه لويزة حنون، من إعلان تبون لتعديل قانون اللإنتخاب وكأنه أولوية سياسية، مشيراً إلى أنّ المسارعة إلى إجراء انتخابات تشريعية ومحلية تعني الإبقاء على الوضع على حاله في محاولة لإنقاذ النظام المرفوض من الأغلبية الساحقة للجزائريين منذ 22 فيفري 2019.
على الجهة المقابلة، لم تُخف حركة مجتمع السلم « حمس »، تحفظاتها من إسناد مهمة تعديل قانون الانتخابات للخبير القانوني أحمد لعرابة، الذي سبق له الإشراف على اعداد وثيقة تعديل الدستور التي أثارت الكثير من الجدل، بسبب غياب نقاش سياسي حيال مواده القانونية. في هذا الصّدد، دعت « حمس » إلى « الاستفادة من الأخطاء السابقة والتراجع عن اعتماد سياسة الأمر الواقع التي لم تفلح أبدا في إصلاح أوضاع البلد »، في حين طالبت بـ »اعتماد الحوار والتوافق الوطني لتوفير الشروط المناسبة لبعث مسار انتخابي شفاف وعادل ونزيه ».
هذا وانتقد الناشط السياسي ومنسق حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (قيد التأسيس)، كريم طابو، استمرار النظام في فرض خارطة طريقه على الجزائريين التي فوتت على فرصة إحداث تغيير حقيقي في البلاد، مبرزا أن الجزائر تعيش أزمة سياسية ودولة معطّلة، وحلّها لن يكون إلاّ بما أسماه «ادخال البلد في مسعى سياسي موحد يجمع كلّ القوى والتوجّهات»، من خلال «توفير كلّ الآليات التي تضمن تكريس دولة القانون ووضع آليات انتخابية شفافة وديمقراطية « .
كريم طابو يشدد على ضرورة « توفير مناخ وفضاء للأغلبية الساحقة التي لم تُزكّي رئاسيات ديسمبر واستفتاء نوفمبر، ثمّ الذهاب مباشرة إلى تغييرٍ سياسي وسلمي »، مواصلا: « إن كانت قواعد اللعبة مقبولة من الجميع دون إقصاء، وتوفّرت الضمانات لبناء دولة ذات طابع جمهوري، سنذهب إلى صياغة دستور منبثق عن إرادة الشعب ».
وإن كانت تشكيلات سياسية، تحذر من خطوة المرحلة التي تمر بها البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي وكذا الاستمرار في فرض سياسية الأمر الواقع، تبدو الأحزاب الداعمة لأطروحة السلطة غير مكترثة بدعوات الحوار الوطني بين كافة أطياف المجتمع. هنا طالبت حركة الإصلاح الوطني اللجنة المكلفة بمراجعة قانون الانتخابات بأخذ مطالبها بعين الاعتبار، لاسيما المتعلقة برفع القيود عن الأحزاب السياسية وتسهيل مشاركتها في مختلف الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وفي خطوة تنافس مطالب المعارضة بفتح نقاش مجتمعي حول الأوضاع السياسية والإقتصادية في البلاد، دعا الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الطيب زيتوني، إلى بناء “جدار وطني” لحماية السيادة والحفاظ على استقرار الجزائر، وهو نفس المطلب الذي رُفع في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ولم يكن في النهاية إلا وسيلة لدعم ترشحه لعهدة رئاسية رابعة وأخرى خامسة وقف الشارع في وجهها عبر حراك شعبي عارم. وفي سياق مغاير، طالب الأمين العام للأرندي، مناضلي الحزب إلى الانخراط في الحياة السياسية لقطع الطريق أمام الانتهازية والرداءة وانعدام الكفاءة، من دون أن يوضح من يقصد بكلامه.