لعمامرة يعتبر دوره سيدفع بالعمل العربي المشترك: المجتمع المدني في مواجهة واقع الحريات في البلدان العربية - Radio M

Radio M

لعمامرة يعتبر دوره سيدفع بالعمل العربي المشترك: المجتمع المدني في مواجهة واقع الحريات في البلدان العربية

Radio M | 01/11/22 13:11

لعمامرة يعتبر دوره سيدفع بالعمل العربي المشترك:  المجتمع المدني في مواجهة واقع الحريات في البلدان العربية

أبرز وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، أثناء حديثه عن إصلاح الجامعة العربية  « أهمية المجتمع المدني » الذي قال عنه « إذا ما قام بأداء دوره كاملا غير منقوص، سيدفع بالعمل العربي المشترك إلى الأمام ».  ولم يشرح لعمامرة أكثر ما هي الاقتراحات التي تنوي الجزائر تقديمها في هذا الاطار بمناسبة إستضافتها القمة العربية اليوم، بداية من مساء اليوم

لكن عبارات لعمامرة تنسجم إلى حد بعيد مع السياسة المنتهجة من قبل السلطات الجزائرية منذ بداية الحراك الشعبي ذات 22 فيفري من عام 2019. ثورة يحاول البعض وضعها في سياق ثورات الربيع العربي رغم الفارق الزمني بينهما واختلافهما جذريا من حيث الشكل والنتائج. وكان الوزير الأول المسجون، أحمد أويحيى، أول من حاول إستخدام ثورات الربيع العربي لتخويف الجزائريين من التظاهر، قائلا « سوريا بدأت بالورود » ورد عليه المتظاهرون في المدن الجزائرية أن « الجزائر ماشي سوريا ». ا

بعدها عدلت السلطة الدستور وأدرجت فيه الحراك الشعبي ووصفته ب »الحراك المبارك »، لكنها في المقابل سنت ترسانة قانونية تمنع إستمرار هذا الحراك في الميدان وتجرمه إلى حد إعتباره بالعمل الارهابي.  وهكذا بدأت سياسة قمع المظاهرات الشعبية وسجن النشطاء فيها ومنع الاجتماعات وغلق المنابر الاعلامية وحل التنظيمات التي لا تتماشى مع خطاب السلطة وتوجهاتها

وموازاة مع ذلك أطلقت السلطات الجزائرية عدة مبادرات لإعادة تنظيم المجتمع المدني وفق أجندتها الجديدة. فقد اعتمدت وزارة الداخلية آلاف الجمعيات خلال السنوات الأخيرة وأطلقت مرصدا وطنيا للمجتمع المدني وعين الرئيس عبد المجيد تبون وزيرا مستشارا مكلفا بالمجتمع المدني على مستوى ديوانه  

نفس السيناريو تتبعه السلطات التونسية منذ تعليق الرئيس قيس سعيد العمل بدستور ثورة الياسمين وعرضه مشروع دستور جديد سيستفتي الشعب التونسي فيه قريبا. في حين سبقتنا مصر إلى تطبيق هذه الوصفة لتحييد المعارضة والتخلص من نشطاء الثورة التي أسقطت حسني مبارك، قبل أن ينقلب عليها عبد الفتاح السيسي ويعود بمصر إلى نقطة الصفر، بتنصيب نفسه رئيسا جديدا بقبعة عسكرية

وبينما حول بشار الأسد سوريا إلى بلد الأشباح في سبيل البقاء في السلطة، ولن يعيد الحياة إلى المجتمع المدني هناك، مادام هذا المجتمع المدني هو أول من شكك في شرعيته وطالبه بالرحيل. أما العراق، فيعيش خارج الأجندة العربية منذ سقوط صدام حسين، ومجتمعه المدني يتطور ليس في اتجاه ما سماه لعمامرة « العمل العربي المشترك » بل  يتطور داخل محيط تميزه الانقسامات العرقية والدينية وإستمرار غياب الأمن. وحادثة ملعب عمر حمادي خلال المباراة التي إستضافت فيها إتحاد العاصمة أحد النوادي العراقية، دليل على المسافة البعيدة الفاصلة بين الرأي العام العراقي ونظيره الجزائري مثلا

وإن كان العراق بعيد علينا حتى جغرافيا، فإن ليبيا قريبة من محيطنا جغرافيا وسوسيولوجيا، ومع ذلك ما زال المجتمع المدني في طبعة الحزب الواحد الذي تشجعه السلطات الجزائرية، يمجد الزعيم الذي ثار ضده الشعب الليبي وأبناءه الذين يسعون للعودة إلى السلطة عن طريق الانتخابات بعدما طردتهم الثورة التي قضت على كل رموز حكم عائلة القذافي، بدأ بالعلم الأخضر وصولا إلى العاصمة طرابلس التي لم تعد سلطتها تغطي كل التراب الليبي

إقتراح لعمامرة إذن لا يخرج عن حلم البومدينية المسيطر على رجال الحكم في الجزائر اليوم، بينما الشباب العربي ضبط وجهته على مونديال قطر الذي سينطلق بعد أسابيع من الآن. مونديال لم يكن ليحصل القطريون على شرف تنظيمه لو بقوا على عهد بومدين وإستضافته لهم في فندق الأوراسي في هيئة البدو الرحل

المجتمع المدني في واقع المنطقة العربية

تعرف الأمم المتحدة المجتمع المدني على أنه « القطاع الثالث للمجتمع بجانب الحكومة وعالم الأعمال ». وهناك طريقتين للشراكة بين منظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة، الأولى عن طريق الحصول على مركز إستشاري لدى المجلس الاقتصادي الاجتماعي وكثير من هيئاته الفرعية، فضلا عن كثير من آليات الأمم المتحدة للعمل في مجال حقوق الإنسان… أو عن طريق وحدة المجتمع المدني التابعة لإدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي. وتضم هذه الشبكة ما يقرب من 1500 منظمة من المنظمات غير الحكومية المرتبطة بالأمم المتحدة وتقدم لها الدعم في نشر موادها الإعلامية المتصلة بالقضايا ذات الأولوية على جدول أعمالها، بما في ذلك التنمية المستدامة، وخلق عالم أكثر أمنا وسلامة، ومساعدة الدول التي تمر بمراحل تحول، وتمكين المرأة والشباب، والتصدي للفقر، وغيرها من القضايا

وهناك آلية أممية أخرى تسمح بإستقطاب المنظمات غير الحكومية، تتمثل في « صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية »، مهمتها « دعم المشاريع الرامية إلى تعزيز صوت المجتمع المدني وحقوق الإنسان وتشجيع مشاركة الجميع في العملية الديمقراطية ». وهنا جوهر الاشكال القائم بين منظمات المجتمع المدني والسلطات الجزائرية وسلطات الدول التي عاشت الربيع العربي

فالحكومات العربية لا ترضى بمجتمع مدني يتدخل في الشأن السياسي ويطرح قضايا حقوق الانسان للنقاش. زيادة على المجتمع المدني الذي يهتم بقضايا الهجرة واللاجئين والفقر وقضايا المرأة… وأكبر مشكل تواجهه منظمات المجتمع المدني مع حكوماتها في البلدان العربية، وفي الجزائر بشكل خاص، يتعلق بالتمويل الذي تحصل عليه من الهيئات الأممية

وإن كان التمويل الخارجي تمنعه للأحزاب والجمعيات ووسائل الاعلام تمنعه القوانين الجزائرية الصادرة في بداية الانفتاح الذي تلى أحداث أكتوبر 1988، لكن السلطة في عهد تبون شددت إجراءات المنع واضحى قانون العقوبات الجزائري لا يفرق بين التمويل السري، مثل تمويل الجماعات الارهابية وتبييض الأموال الجاري محاربته دوليا، والتمويل الذي يتم عبر إتفاقات رسمية من قبل هيئات دولية تتعامل معها السلطات الجزائرية، كالاتحاد الأوربي أو هيئات الأمم المتحدة المختلفة

فهل تملك الجزائر رؤية وإمكانات مادية تسمح لها بإيجاد نموذج مجتمع مدني بديل للأمم المتحدة، قابل للتصدير إلى البلدان العربية وينشط خارج الشبكة العالمية للمنظمات غير الحكومية؟ التجربة أثبتت أن الجزائر عوضت مفهوم « المجتمع المدني » بمفهوم المنظمات الجماهيرية ». والفرق بين المفهومين كبير وواضح، حيث تكمن مهمة المجتمع المدني في مرافقة مختلف الشرائح الاجتماعية مساعدتها على الدفاع عن حقوقها… بينما تقوم الثانية على امتصاص الريع الذي توزعه السلطة مقابل التعبئة في المواعيد الانتخابية أو مواعيد الأزمات السياسية للدفاع عن صوت السلطة

محمد إ