وقّعت عشرة منظمات حقوقية دولية متمثلة في كل من المدافعون الأفارقة (شبكة المدافعين الأفارقة عن حقوق الإنسان)، منظمة المادة 19، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، التحالف العالمي لمشاركة المواطنين، الأورو متوسطية للحقوق، منظمة مدافعو الخط الأمامي، حملة اليوبيل، منا لحقوق الإنسان، مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط ومركز جوستيتيا للحماية القانونية لحقوق الإنسان في الجزائر، على تقرير طالب السلطات بإطلاق سراح كافة المدافعين عن حقوق الإنسان والأفراد المستهدفين بسبب ممارسة حرياتهم الأساسية، وإسقاط الاتهامات الموجه لهم على الفور.
أعربت عشرة منظمات حقوقية من مختلف الدول عن « قلقها وانزعاجها البالغ من حملة القمع المتواصلة للحريات الأساسية والعمل المشروع في مجال حقوق الإنسان في الجزائر، بما في ذلك التكرار الملحوظ والمتزايد لنمط محاكمات الإرهاب بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين والصحفيين ».
وقالت المنظمات الحقوقية الموقعة إنّ « السلطات الجزائرية بعدما أحكمت قبضتها على المجال العام بشكل شبه كامل في ماي 2021، تواصلت الملاحقات القضائية والاعتقالات التعسفية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء السلميين؛ لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير وحرية المعتقد والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات ».
وشدّد الموقعون أنّه « يتعين على السلطات الجزائرية إطلاق سراح كافة المدافعين عن حقوق الإنسان والأفراد المستهدفين بسبب ممارسة حرياتهم الأساسية، وإسقاط الاتهامات الموجه لهم على الفور، ووضع حد للسياسات والممارسات التي تجرّم العمل المشروع في مجال حقوق الإنسان وتقيّد المجتمع المدني ».
وأردفت : « وتماشيًا مع التوصيات التي قدمتها لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في ملاحظاتها الختامية الأخيرة بشأن الجزائر، ينبغي على السلطات تعديل أو إلغاء المواد الفضفاضة في قانون العقوبات والتشريعات المستخدمة لقمع الحريات العامة، وتعديلها بما يتوافق مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. وبشكل خاص، يجب إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات بشأن الأعمال الإرهابية، أو تعديلها بالكامل مع تعريف موجز للأعمال الإرهابية؛ لضمان عدم توظيفها لتقييد الحقوق الأساسية، أو قمع المدافعين عن حقوق الإنسان ».
وقدّم التقرير أمثلة عن بعض الحالات المتمثلة في الحقوقي محاد قاسمي، الحقوقي نايت سعيد، المدافع عن حقوق الإنسان قدور شويشة إلى جانب جميلة لوكيل وسعيد بودور المدافعان عن حقوق الإنسان والصحفيان، الناشط ورجل الشرطة السابق زاهر مولاوي، 15 ناشطا أمازيغيًا، إلى جانب الصحفي محمد مولودج، والناشط الأمازيغي المسيحي سليمان بوحفص.
وأكّد الموقعون أنّه « غالبًا تصاحب هذه الاعتقالات والمحاكمات انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية الواجبة وغياب تام لضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك الافتقار إلى المعلومات المقدمة عن طبيعة وسبب التهم، ومنع الوصول للمساعدة القانونية، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أيام، وهي مشكلة سبق وتطرق لها خبراء الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة ».
كما أضاف التقرير أنّ » السلطات الجزائرية، تحتجز بشكل شبه منهجي، المتهمين رهن الحبس الاحتياطي المطول دون وجود مبررات كافية، بينما ينص القانون الدولي بوضوح على عدم استخدام الحبس الاحتياطي باعتباره تدبيرًا عقابيًا أو معيارًا، وإنما يُتخذ كملاذ أخير ».
في السياق ذاته، أضاف التقرير أنّ » تعديلات قانون العقوبات والمرسوم التنفيذي، المعتمدان في يونيو وأكتوبر 2021 على التوالي، أدت لوضع قائمة إرهابية وطنية، دون شفافية ورقابة قضائية كافية. ولم تتم إضافة حركتي رشاد والماك إلى القائمة المنشأة بأثر رجعي، والتي ينبغي نشرها في الجريدة الرسمية ».
و « تسبب الأمر في اتساع أكبر للتعريف الفضفاض بطبعه للإرهاب في المادة 87 مكرر، بطريقة من شأنها السماح بتجريم المعارضة السلمية، ووضع قائمة إرهابية للأفراد أو الكيانات محل تحريات أولية أو متابعة جزائية أو المدانين الصادر بحقهم حكم أو قرار بالإدانة، وبالتالي تقوض هذه التعديلات قرينة البراءة، وبناءً عليه قد يواجه الكيانات أو الأفراد عقوبات، غير محددة، مرتبطة بالقائمة؛ بناءً على تحريات أولية أو ملاحقة جنائية فقط »، حسب التقرير.
وأضافت المنظمات أنّه » منذ أفريل 2021، وظفت السلطات الجزائرية، بشكل مقلق، المحاكمات التعسفية على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب؛ لتجريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني المستقل ووسائل الإعلام، وكذلك لترهيب الأفراد من المشاركة في الاحتجاجات السلمية ». مُشيرة: « ويؤكد الافتقار لوجود أدلة موثوقة حول النشاط الإرهابي المزعوم لهؤلاء المحتجزين، والسياق الأوسع لقمع المجتمع المدني، أن السلطات الجزائرية تلاحق هؤلاء الأفراد فقط لمجرد ممارستهم حرياتهم الأساسية ».
كما أكّد الموقعون أنّ » السلطات الجزائرية حاكمت حتى 29 نوفمبر الماضي، ما لا يقل عن 59 شخصًا بتهم مزعومة تتعلق بالإرهاب، بينما ينتظر أربعة مدافعين وأربعة صحفيين المحاكمة، إلى جانب 53 ناشطًا سلميًا، بينهم 43 شخصًا يقبعون حاليا في السجون رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لمدد تتراوح بين 7 أسابيع إلى 7 أشهر، علمًا بأنه وحسب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، قد تتراوح مدة العقوبة بين سنة إلى السجن المؤبد وعقوبة الإعدام لمن يدان بارتكاب أعمال إرهابية ».
كما أشار ذات التقرير إلى أنّ « السلطات الجزائرية تحاكم الأفراد بناءً على مزاعم بارتباطهم بحركة المعارضة السياسية «رشاد» أو «الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل» (الماك)، واللتان تم تصنيفهما «منظمات إرهابية» في 18 ماي 2021 من جانب المجلس الأعلى للأمن، وهو هيئة استشارية يرأسها الرئيس الجزائري، دون أي تدقيق قضائي ».
« وفي 18 أوت، اتهم المجلس الأعلى للأمن أيضًا الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل (الماك) ورشاد، بالتسبب في حرائق الغابات المدمرة التي اجتاحت شمال شرق الجزائر خلال الصيف الماضي، إلى جانب مقتل الناشط والفنان جمال بن إسماعيل في 11 أوت 2021، الذي قتله محتجون في أعقاب احتجازه لدى الشرطة. وأعلن المجلس الأعلى للأمن أنه سيكثف جهوده لاعتقال أعضاء حركتي «الماك» و«رشاد» الذين يهددون الأمن العام والوحدة الوطنية، حتى يتم «استئصالهم جذريًا» على حد تعبيره ». أضاف ذات التقرير.