نداء 22 .. رفض لمسار السلطة الأحادي ودعوة إلى "انتقال ديمقراطي سلسل" - Radio M

Radio M

نداء 22 .. رفض لمسار السلطة الأحادي ودعوة إلى « انتقال ديمقراطي سلسل »

Radio M | 02/11/20 14:11

نداء 22 .. رفض لمسار السلطة الأحادي ودعوة إلى « انتقال ديمقراطي سلسل »

بالتزامن مع انشغال السلطة بـاستفتاء « تعديل الدستور »، الذي شهد مقاطعة كبيرة من طرف الجزائريين بنسبة 77 بالمائة، يُواصل القائمون على مبادرة نداء 22، في الترويج لأرضية تدعو إلى انتقال ديمقراطي سلسل، يُلبي مطالب الحراك الشعبي، الذي نادى بالتغيير وإقامة دولة الحق والقانون.

وخلال ندوة صحفية عقدها المبادرون في نداء 22 مساء اليوم السبت، أكدوا على ضرورة « الانتقال الديمقراطي المرن والمستقل » في الجزائر، بعد أكثر من 20 شهرًا على انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019، ليتم تعليق مسيراته في شهر مارس 2020، بسبب جائحة كورونا « كوفيد 19 ».

وقال المتدخلون، أنّ مبادرة نداء 22 ليست مشروع سياسي يُحاول السطو على أهداف ومطالب الحراك، أو تمثيله وإنما هو مبادرة تسعى إلى تجنيد عدد أكبر من المنخرطين من صفوف الحراك، لفتح حوار شامل يُؤدي إلى « اتفاق سياسي وتوافقي داخل الحراك، لدعم ميزان القوى لمصلحة الشعب الجزائري ».

مسار طويل بدأ مع انتخابات 12/12

حسب الشروحات المُّقدّمة في الندوة الصحافية التي أدارها الصحافي « إحسان القاضي » و »نسرين الطهاري » عضو في مجموعة « نبني »، فإنّ نداء 22، كان تتويجاً لعملية طويلة بدأت بعد الانتخابات الرئاسية المُثيرة للجدل التي جرت في 12 ديسمبر 2019، والتي أفرزت عبد المجيد تبون رئيساً للبلاد.

في السياق، يقُول هشام خياط عضو المبادرة: « يجب أن يفهم الناس أنّ الوصول إلى وثيقة توافقية ليس بالأمر السهل، خاصة أن هناك تيارات متعددة ». يُضيف « المسار انطلق بعد المهزلة الانتخابية التي جرت في 12 /12 أين كان لقاء بين حقوقيين و أكاديميين وحركات شبابية وطلابية (رجال ونساء) من مختلف الأعمار وربوع الوطن ».

هاشم خياط، أوضح أنّه « كان هناك تفكير مشترك لتوحيد التصورات وإيجاد وسيلة سياسية وإعطائها بديل حقيقي ونفس جديد، وعلى هذا الأساس عملنا مع بعض على عقد ندوة جامعة وتم منعها ولهذا قمنا بعقد ندوة صحفية في 22 فبراير عندما كانت المسيرات في الشارع وبعدها جاء وباء كورونا وواصلنا العمل باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي، وتم تطوير العمل مع أكاديميين وحقوقيين على مستوى 48 ولاية وصياغة بناء توافقي وتشاركي يجمع أهم المبادئ لفتح مسار تشاوري وعقد ندوة جامعة تتبنى خارطة سياسية وعقد سياسي لانتقال ديمقراطي مستقل عن السلطة بكرس السيادة الشعبية ».

موازين القوى

المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي، الذي قال إنه تردد في البداية قبل الانضمام إلى مبادرة نداء 22، شدّد على أنّ « الجزائريين لما خرجوا في 22 فبراير في كل ربوع الوطن، كانوا يرفعون شعارات على الرغم من بساطتها إلى أنّها تحمل برنامج من أجل الانتقال من نظام شمولي تسلطي إلى نظام ديمقراطي ».

يُضيف « مبادرة نداء 22 وحدها لا تكفي وهي تعبير عن توجهات الحراك، وتضع أسس وتفتح طريق الأمل من خلال استراتيجية مناقضة لاستراتيجية السلطة، وتتكفل حقيقة بالعمل اليومي مستقبلا، لأن الحراك هو القوة الفاعلة لأي مبادرة ».

« أعتقد أنّ أسباب نجاح المبادرة كثيرة لكن علينا أن نسعى في الأشهر القادمة، لكي يجد الجزائريون أنفسهم فيها ونفرض على النظام الالتفاف على مطالب الشعب، ترددت في الانضمام وبعدها اقتنعت أن جدية المسعى وهي لا تؤسس لمشروع أو حركة سياسية وإنما لإرغام النظام للاستماع على تطلعات الجزائريين »، يقول نفس المتحدث.

وشرح بوشاشي ما معنى كلمة « إرغام » السلطة، قائلا « الهدف فتح قنوات توافقية وحوار، لأن النظام يمر بأزمة حقيقة والحراك المبارك السلمي سيخلق توازن وهو من عليه أن يرغم السلطة للمساع إلى صوت الحكمة والاستجابة لرغبات الجزائريين ».

هل يجب إذن استئناف مسيرة الحراك المتوقفة منذ مارس بسبب أزمة فيروس كورونا؟ يُشدّد بوشاشي على أنّ « الحراكين كانوا أكثر مسؤولية من النظام عندما قرّروا تعليق المسيرات، بالرغم من ذلك بقي الحراك في ضميرنا وأفئدتنا وعقول كل الجزائريين والجزائريات ». يتابع حديثه في السياق « علينا أن تثق في المتخصصين، عندما يقول الأطباء أنه من الآمن الخروج إلى الشارع، وأعتقد أنه إذا توفرت الشروط فمبادرة نداء 22 ستدعو إلى عودة المسيرات ».

ليست مشروع سياسي

وتكرّر كثيرا سؤال حول ما إن كانت المبادرة مشروع سياسي، وهو ما نفاه سعيد صالحي، نائب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي قال إنّ نداء 22 عمل مستقل عن السلطة وهدفه واضح، وهو تحقيق مطالب الحراك وتحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي، مبرزا أن السلطة أفشلت كل المبادرات التي كان هدفها تنظيم الحراك، من خلال لاختراقها، لأنه لم تكن لديها نية صادقة للذهاب نحو انتقال ديمقراطي شفاف.

وأبدى صالحي تفاؤله من التجاوب وردود الفعل، تجاه مبادرة نداء 22 قائلا « المبادرة خلقت نقاش وفتحت حوار بين الحراكيين على شبكات التواصل الإجتماعي، وأنابت عن وعي كبير داخل الحراك الشعبي بأن هناك حاجة إلى فتح حوار وتنظيم حوار »

. تجاوب وانخراط

أمينة عفاف شايب، من حركة ابتكار، وصفت التجاوب مع مبادرة نداء 22 بالجد إيجابي، بعد نحو أسبوع من إطلاق نداء 22، مبرزة أنّ « عدد امضاءات المنخرطين انتقل من 356 إلى 1499 وكلها امضاءات يتم التدقيق في هويات أصحابها والتحقق منها، وكل يوم يرتفع عدد الموقعين حيث يشمل حالياً 31 ولاية، ومن 12 بلدا ». تقول في السياق « كلمة الأمل والمساندة والإرادة موجودة في التفاعل، وهناك مساهمة كبيرة بالمقترحات ولمسنا تعطش لممارسة المواطنة والنقاش، كما أنّ التعددية ليست جغرافية وإنما هي سيسيولوجية وجغرافية وإيديولوجية وهذا هو المعنى الحقيقي للمسار التشاركي ».

في الجهة المقابلة قال الطالب حمزة علوان، أنه بالرغم من تردده في الإنضمام إلى نداء 22 إلى أنه مع مرور الوقت أحس بجدية العمل، وأن هدف المبادرة والحراك يتقاطعان في المسعى والأهداف.

في حين ذكر، أحد أعضاء مبادرة نداء 22، خيدر نور الدين، أن انعقاد هذه الندوة الصحفية، يتزامن مع استفتاء شعبي، « نعتبره التفافاً على الإرادة الشعبية لأنه مفروض من طرف جهة واحدة، ولم يعطي أي أهمية للحراك الشعبي الذي هو فاعل أساسي »، وقال « هي رسالة للنظام بأنّه لا يمكن له أي يأخذ المبادرة لوحده ».

بينما قال الناشط السياسي عبد الوهاب فرساوي، أنّ مبادرة نداء 22 منبثقة من فلسفة الحراك، ويسعى القائمون عليها لبنائها من القاعدة، قبل فتح حوار حقيقي وعميق داخل أوساط المجتمع، يستمع لكل انشغالات وطموحات الشعب ورؤية الجزائريين في الغد، مضيفا « علينا الوثوق في الشعب ونعطي له الكلمة ».

وفيما يتعلق بقضايا الخلافات الأيديولوجية والمتطلبات الديمقراطية، أجمع المتحدثون على أنه تم تناولها في المناقشات وفي وثائق المبادرة، ويؤكد المحامي مولود بومغر أن « التعددية الأيديولوجية ميزة، وما نرفضه هو الاستقطاب، وهناك اتفاق بين الحساسيات المختلفة حول مفهوم مشترك للديمقراطية ».

الجنوب الكبير حاضر في نداء 22

ولأن المبادرة شاملة وغير إقصائية، فإنها تولي أهمية كبيرة لحراك الجنوب، إذ تقول الناشطة من ولاية أدرار، وفاء إبراهم شاوش، أن « المنطقة في أمس الحاجة للتنظيم في إطار جامع لمطالب الحراك، وأرضية مساندة للحراك الشعبي التي انطلقت 22 فبراير ».

تضيف وفاء في مداخلتها أنّ « لدينا شعور أننا من باقي الوطن، وورقة انتخابية يستعملها النظام في كل مرة ونجد أنفسنا بعد ذلك رهينة واقع، لا يصبو لما يستحقه أبناء الجنوب ».

وعبرت الناشطة السياسية عن سعادتها بالأرضية المعلن عنها من طرف نداء 22 قائلة في هذا الصدد « حراكيو الجنوب لا يحسون الآن، أنفسهم لوحدهم وإنما ينتمون لجسد أكبر، نريد التفوق على التفرقة التي خلقها النظام، فكل المجتمعات تحتوي على خلافات إيديولوجية وحتى متطرفة وهذا لا سيمكننا من العيش في دولة الحق والقانون » مشيرة « شخصياً لا أخاف من الاختلافات الايديولوجية وأراها فرصة للجميع للتعرف على الآخر ».