حوار خاص مع الفاعل في المجتمع المدني المغربي كمال لحبيب - Radio M

Radio M

حوار خاص مع الفاعل في المجتمع المدني المغربي كمال لحبيب

Radio M | 26/08/21 10:08

حوار خاص مع الفاعل في المجتمع المدني المغربي كمال لحبيب

مع تصاعد التوتر بين الجزائر و المغرب خاصة بعد فضيحة بيقاسوس (الحوار تم تحريره قبل قطع العلاقات مع المغرب)  التي اتهمت من خلالها المغرب بالتجسس على 6000 هاتف جزائري من بينها هواتف مسؤولين كبار في الدولة الجزائرية، اختارت راديو أم أن تحاور أحد أهم الفاعلين في المجتمع المدني المغربي و الرئيس السابق للمنتدى الاجتماعي المغاربي السيد كمال لحبيب.

 لماذا كل هذا التنافر والعداء بين الجزائر و المغرب رغم كل تلك القواسم المشتركة بين البلدين؟

أكيد أن الوضع سيزداد توترا ما بين البلدين وبالضبط ما بين الحاكمين، وهذا منحى سيسير ضد مصالح الشعبين اللذين لهما تاريخ مشترك وروابط عائلية ومصالح اقتصادية مشتركة. ثم إن الأنظمة في بلداننا تسير على عكس متطلبات شعوبها ومن مصلحتها في ظروف التراجع على الحريات في المغرب والحراك في الجزائر والقمع الذي يواجه به والعزوف الانتخابي و الأزمة الإجتماعية التي عمقتها جائحة كورونا، فمن مصلحتهما الدفع بالسياسات والخطابات الشعبوية وتنمية الميولات الشوفينية عن طريق الإدعاءات والجرائد الدعائية الموالية.

بصفتك عايشت مراحل مهمة في تأسيس ورئاسة المنتدى الاجتماعي المغاربي كتكتل وتجمع للمنظمات والفعاليات والجمعيات المغاربية المناهضة للأمبريالية والداعمة لتحرر الشعوب، لماذا لم تستطع كل تلك المنظمات غير الحكومية لعب دورها المهم والحساس في تهدئة الأوضاع على مدار عقود من الأزمة بين البلدين؟

إن المنتدى الإجتماعي المغاربي لعب دورا هاما في بلورة رؤية جديدة للوحدة المغاربية وحل النزاعات بالطرق السلمية ولكن الحركات التي ساهمت في هذا المسار تعاني من أربع مشاكل:

-المشكل الأول هو أنها تشتغل في ظروف سياسية صعبة، وتحت وطأة أنظمة قمعية لا تقبل الإختلاف.

-تواجه هده الحركات ظروف ثقافية وسياسية صعبة (وهذه ظاهرة عالمية)، تسيطر فيها الخطابات والمواقف الشعبوية والتي أساسا تقوى عن طريق الرشاوى و المحسوبية.

– إلا ان أكبر مشكل هو عدم قدرة هذه الحركات الديمقراطية على التقارب والعمل المشترك واحترام الاختلاف. ان قوة الأنظمة تكمن في ضعف هذه الحركات على بلورة قوة موحدة للمواجهة.

-ان الحركات الإجتماعية هي تعبير عن سخط ، وتعبير عن تطلعات الشعوب الى العدالة والكرامة والديمقراطية والحرية ولكنها ليست حركة سياسية تهدف الى السلطة. ولم تجد الحركة الاجتماعية الى حد الساعة هذا التوازن وأليات الربط بين الاحتجاج والتغيير (إذا استثنينا من منطقتنا تجربة السودان التي يجب الوقوف عليها لفهمها واستخلاص الدروس منها).

في نفس السياق، تم استقبالكم سابقا على هامش أشغال المنتدى الاجتماعي المنعقد بتونس، من طرف رئيس الحكومة التونسية الأسبق يوسف الشاهد، في ذكرى تأسيس الاتحاد المغاربي، وكان الهدف منح تقديم تصور للمنتدى حول تأزم الوضع المغاربي سياسيا واقتصاديا وثقافيا في جملة توصيات أشغال المنتدى، هل تعتقدون أن تونس يمكن أن تلعب دورا محوريا في عقد مشاورات لقاء تهدئـة؟

إن تونس في وضعية اقتصادية واجتماعية وسياسية جد حرجة وازداد حجم هذه الأزمة مع الظروف الحالية للجائحة. كان للمنتدى الاجتماعي المغاربي لقاء مع منصف المرزوقي بعدها مع يوسف الشاهد اعتقادا منا أن تونس يمكن أن تلعب دورا في التقارب. الظاهر أن الضغوطات على تونس في وضعية الهشاشة غلبت على هذه المساعي.

وفي نفس السياق حاول الرباعي الحاصل على جائزة نوبل أن يمشي في نفس المنحى قناعة من أن الربح بالنسبة للشعوب سيكون كبيرا اقتصاديا وسياسيا. ومرة أخرى لم يكن أي تجاوب مع هذه المبادرة.

بعد ثلاثة سنوات من أرضية الدار البيضاء الصادرة بتاريخ سبتمبر 2017، والتي  رافعت للحل السلمي للنزاعات في المنطقة المغاربية، سقطت ليبيا بين أيادي اجنبية مرة أخرى، وقررت المغرب التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. في ظل هذه التطورات، هل تعتقدون أن حل النزاع حول الصحراء الغربية سياسيا أصبح ممكنا، وهل تتوقعون مواجهات وتدخلات عسكرية جديدة في المنطقة ؟

إن ندوة الدار البيضاء في 2017، أكدت ودققت في عدة مقترحات منذ أول إجتماع في الرباط حول المنتدى الاجتماعي المغاربي سنة 2004، مرورا بالاجتماع التأسيسي سنة 2005، والمنتدى الاجتماعي المغاربي سنة 2008 بالجديدة في المغرب الذي صادق بالإجماع على الوثيقة المرجعية  » المبادرة من أجل السلم في الصحراء الغربية ». ضف إلى ذلك عدة لقاءات بمساهمة الحركات الاجتماعية المغاربية ومثقفين وباحثين في ليون الفرنسية وبروكسل البلجيكية ودكار وتونس سنة 2013 و 2015، والهجوم الذي تعرضنا له من طرف مرتزقة النظامين الجزائري والمغربي.

كل هذا يزيدنا قناعة على ضرورة الوصول إلى حل سياسي سلمي بعيدا عن طبول الحرب والرصاصات القاتلة .

في الأخير، هل المنتدى المغاربي قادر على تعزيز وتوسيع فضاءات النقاش والتعبئة من أجل تحديد سبل التوصل إلى حلول ومقترحات من أجل الحل السلمي للنزاعات في المنطقة والإسهام في التنمية الديمقراطية وبناء المنطقة المغاربية بأبعدها التحريرية والسياسية والعرقي؟

إننا نعتقد أننا إذا استطعنا كشعوب الوقوف بحزم، ووحدة الصف سنفشل مسلسل الحرب والاقتتال التي ستكون الشعوب هي أكبر ضحية له. إن المناوشات العسكرية ستستمر، إلا أن لا المغرب ولا الجزائر ولا القوى العظمى المدعمة للدولتين تريد إعادة تجربة حرب الرمال سنة 1964، ولكن من المؤكد أنه بدون تغيير سياسي في المغرب والجزائر ستبقى الأمور على ما هي عليه : استنزاف الجهود والمال وتنمية روح الحقد والكراهية.

لذا إننا كحركات إجتماعية في المنطقة لنا مسؤولية توسيع مجال الديمقراطية والحريات وبناء شبكات حول المواضيع الأقرب الى اهتمامات الناس وبالخصوص كل ما يتعلق بالقضايا والحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية و وربط هذه القضايا بضرورة بناء دولة ديمقراطية وبهذا سنعطي أفقا وفاعلية لوحدة الشعوب لأننا نعاني من نفس المشاكل اتجاه الحكام في المنطقة.

حواره سعيد بودور