محاكمة نبيل ملّاح: هل هو خطأ قضائي أم متعمد ؟ - Radio M

Radio M

محاكمة نبيل ملّاح: هل هو خطأ قضائي أم متعمد ؟

Rédaction | 27/07/22 15:07

محاكمة نبيل ملّاح: هل هو خطأ قضائي أم متعمد ؟

« فيما يكمن إذًا دور الأدلّة القضائية ما دامت تبرّأ المتهمين تماما؟ » كانت تلك إحدى الأسئلة التي طرحها محاموا الدفاع خلال محاكمة أقل ما يُقال عنها خيالية.

استمع يوم الأحد24 جويلية الدكتور نبيل ملّاح، رئيس مخابر مرينال، ومدير فابروفارم المتخصصة في استيراد المنتجات الصيدلانية إلى وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي أمحمد الذي التمس ضده سبع سنين نافذة، رغم ما توصلت إليه الأدلّة القضائية وسيرورة المحاكمة، وذلك بعد قضاءه 14 شهرًا رهن الحبس المؤقت.

اتهم رئيس مخابر مرينال بـ »تبييض الأموال » و « انتهاك حركات رؤوس الأموال » بعد أن رفعت وزارة الصناعة الصيدلانية دعوى ضده، حيث قام نبيل ملّاح ومحاميه بتقديم لوكيل الجمهورية ولقاضي المحكمة كل الوثائق التي تبرّأه من تهمة الجرم الذي أطاله، و الذي بسببه أمضى 442 يومًا في السجن.

« حقائق » من نوع جديد

تعود حقائق هذه القضية إلى عام 2015 ، عندما أطلقت صيدلية المستشفى المركزي (PCH) طلب عروض وطني ودولي للاستيرادات، في سبيل الذكر لا الحصر، لفئة من الأدوية المثبطة للمناعة ، ولبت شركة فابروفارم الطلب وكانت من بين مقدمي العروض.

عندما تم الإعلان عن النتائج، فازت شركة أجنبية تسمى مايلان « Maylan » بالسوق والّتي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للأدوية العامة في العالم. احتلت شركة فابروفارم – الشركة تابعة لمجموعة مرينال الصيدلانية –  المرتبة الثانية مع برينسيبس إمورال « princeps Imurel » من مختبر أسبن « aspen » في جنوب إفريقيا.

ورغبة من صيدلية المستشفى المركزي عدم الاعتماد على مورد أجنبي واحد، الذي انسحب بعد ذلك من السوق في عام 2017 ، طلبت صيدلية المستشفى المركزي من شركة فابروفارم المشاركة في الواردات (50%) ، بشرط مطابقة السعر المعروض من قبل مختبر مايلان والذي يعادل 9.1 أورو. وعليه، تفاوضت شركة فابروفارم مع Aspen، موردها الجنوب أفريقي لتتناسب مع سعر مايلان وتعوض الفرق بدقة حتى لا تبيع بخسارة لصيدلية المستشفى المركزي.

بدأت شركة مرينال الشقيقة بالاستيراد إلى صيدلية المستشفى المركزي من مخزونها بالسعر الفعلي والذي تبلغ قيمته 15.50 أورو، ثم يقوم معمل التصنيع بدفع فرق السعر التفضيلي والذي يعادل 1400 دج.

وعليه، اتهم وكيل الجمهورية نبيل ملاح ببيع دواء (Imurel) بخسارة لصيدلية المستشفى المركزي رغم أنّ هذا الأخير هو الذي طلب من شركة فابروفارم مطابقة سعر مايلان وفقًا للممارسة المعتادة التي تغطي مخاطر نقص العرض ، من خلال وجود موردين بأقل سعر ممكن بدلاً من مورد واحد.

صيدلية المستشفى المركزي: الحاضر الغائب

شرح بهذا الصدد نبيل ملاح و المدير المالي لشركة فابروفارم، بأبسط شكل ممكن مدعمين أقوالهم بالوثائق المساندة و الأدلّة المتوفرة، كيف تم تطبيق السعر التفضيلي وذلك بطلب من صيدلية المستشفى المركزي، وموافقة مخابر أسبن المصنعة للدّواء، والذي حين تلقيهم لدفعة من أجل مبلغ الوحدة الواحدة المقدر سعرها 15.5 أورو للوحدة، يعيدون الفارق لشركة فابروفارم من خلال حسابهم التجاري بالجزائر حسب الكميات التي تم بيعها بـ 9.1 أورو لصيدلية المستشفى المركزي.

وفي إشارة إلى عدم الالتزام بقانون المشتريات العامة، سأل القاضي عما « إذا كان هذا الإجراء قانونيًا » فأجاب نبيل ملاح بـ « نعم » وهذا منصوص عليه في المادة 21 من كتيب مستشفى الصيدلة المركزي. وأوضحت مرافعات المحامين للقاضي أن صيدلية المستشفى المركزي وهي شركة عامة مسجلة في السجل التجاري غير معنية بقانون المشتريات العامة وأصر في هذه النقطة الادعاء والقاضي على وصف هذا المنهج بأنه « بيع بخسارة ».

ولكن، أوضح نبيل ملاح والمدير المالي لشركة فابروفارم بالتفصيل أن شركتهما لم تخسر شيئًا، وبما أنّ المورد رد التكاليف طرأ عكس من ذلك حيث أنّه خلال كل هذه السنوات ، جعلت شركة فابروفارم صيدلية المستشفى المركزي تكسب 60% مما كان عليها أن تدفعه مقابل هذا الدواء.

« لماذا قبلتم بيع الدواء بهذا السّعر؟ هل كان لذلك أن يلائم أعمال مخبر الجنوب إفريقي في الجزائر؟ هل ربّما كانت نية هذا المخبر، من خلال هذا السعر التفضيلي، أن يقتحم السوق الجزائري؟ » كانت تلك بعض الأسئلة التي طرحها القاضي لنبيل ملّاح، ليتبعها بالسؤال التالي « لماذا لا تفعلون مثل صيدال وتنتجون الأدوية محليا؟ّ » 

من الواضح أنّ القاضي يجهل عمل مخابر مرينال، ما اضطر نبيل ملّاح أن يشرح له بأنّ شركته « تعتبر أهم منتجي الدّواء في الجزائر، وأوّل مصدّر لها من بين العديد من الشركات متعددة الجنسيات المتواجدة في الجزائر. »

وأشار محامو الدفاع في مرافعاتهم إلى عدم وجود أي ضرر لحق بأي طرف، وبالتالي غياب الطرف المدني إضافة إلى تغيب جميع شهود صيدلية المستشفى المركزي عن الحضور ، الأمر الذي منع الجلسة من الاستماع إلى نسخة أساسية في هذه القضية.

نوّه المحامون من خطر حدوث « خطأ واضح في تطبيق العدالة » وأوضحوا أن وزارة الصناعة الدوائية غير مخولة بتقديم شكوى أو التدخل في هذه الحالة، لأن صيدلية المستشفى المركزي تخضع لإشراف وزير الصحة، الذي لم يتفاعل قط مع تنفيذ العقد المجدد سنويًا والذي تم ربط فابروفارم بصيدلية المستشفى المركزي منذ عام 2016. تأثر نبيل ملاح بحقيقة أنه منذ محاكمة فابروفارم ووضعه في الحبس الاحتياطي، أصبحت صيدلية المستشفى المركزي تشتري Imurel مباشرة من أسبن بسعر 15.5 أورو لكل علبة عوضًا عن 9.1 أورو.

في حالة ما إذا كان هناك تبييض ، فهو تبييض للأدلّة

تتلخص جريمة حركة رأس المال المزعومة ضد نبيل ملاح في افتراض بعدم سداده لحساب لاستيراد عام 2021 ، قيمته 97 ألف أورو.

وخلصت الأدلة القضائية من كود التحويل الإلكتروني SWIFT الخاص بشركة Société Générale  في الجزائر، إلى أنّه تم اعادة جميع مبالغ شركة أسبن إلى فابروفارم ، بما في ذلك هذا المبلغ البالغ 97000 أورو ، الذي كان مستحقًا في نهاية السنة المالية. فإذا كان هناك وجود لأي تبييض، فهو تبييض الأدلة قضائية التي اعتبرها قاضي التحقيق كاملة ومرضيّة بعد أن طلبت النيابة أدلة مقابلة تم رفضها في النهاية، برأت شركة فابروفارم وقادتها من جميع التهم، واكتفى المدعي العام في لائحة الاتهام بتأكيد عدم اقتناعه بحجج المتهمين دون أن يسعى هو نفسه لتقديم دليل على إدانتهم المفترضة.

 كما أنّه لم يشعر بأنه مضطر للتحدث مرة أخرى للتعليق على مرافعات المحامين. وعلى وجه الخصوص، كان عليه أن يشرح إدانته بتهمة تبييض الأموال، في حين أن هذا كان يستند إلى جريمة أولى لم يتم حتى إثباتها في هذه المحاكمة، « والتي في واقع الأمر ما كان يجب أن يكون لها مكان أصلاً » حسب المحامون الأربعة

سوف يتم الفصل في الحكم النهائي لهذه القضية يوم الأحد 31 جويلية 2022.