محمد هناد: ليس مستبعدا أن تطالب الولايات المتحدة الجزائر بإلغاء مناوراتها العسكرية مع روسيا - Radio M

Radio M

محمد هناد: ليس مستبعدا أن تطالب الولايات المتحدة الجزائر بإلغاء مناوراتها العسكرية مع روسيا

حوار: محمد إ | 01/10/22 21:10

محمد هناد: ليس مستبعدا أن تطالب الولايات المتحدة الجزائر بإلغاء مناوراتها العسكرية مع روسيا

عكس الاعتقاد السائد، يرى أستاذ العلوم السياسية، محمد هناد، أن الجزائر لم تختر موقعها الحالي من الصراع الدولي، بل هو « مكره  على الوضعية » والسبب  أن « القائمين على شؤوننا لم يفكروا في المستقبل كما يجب ». ا

ماهي التداعيات الممكنة لدعوة نواب الكونغرس الأمريكي ضد الجزائر ؟

أولا، لابد من الإشارة إلى أن الرسالة التي بعث بها النواب الأمريكيون إلى كاتب الدولة أنتوني بلينكن للمطابة بتسليط عقوبات على الجزائر، بسبب علاقاتها العسكرية القوية بروسيا، تأتي شبيهة بتلك التي كان السيناتور ماركو روبيو قد أرسلها إليه قبل أسبوعين للغرض نفسه. مثل هذا المسعى، الذي قد يتكرر، يطرح السؤال حول المساعي التي تعتزم السلطات الجزائرية القيام بها في مجال «التأثير» (اللوبييغ) على مستوى الكونغرس الأمريكي بالرغم من صعوبة ذلك في الظروف الدولية الحالية حيث يتعلق الأمر بين مواجهة شبه مباشرة بين القوتين العظميين في عالمنا اليوم

طبعا، 27 نائب أمريكي لا يمثلون شيئا مقارنة بالعدد الإجمالي (435) ! ومع ذلك، من المتوقَّع أن تتغير الأمور على مستوى مجلس النواب الأمريكي (ومجلس الشيوخ) في حالة ما إذا تفاقمت الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. أمريكا تخوض هذه الحرب بالوكالة، مع دعم قوي في الأسلحة والاستخبارات، لأنها تعتبر نفسها القوة العظمى رقم واحد في العالم بعد أن صارت تخشى، أكثر من أو وقت مضى، على مركزها بوصفها كذلك

حسب الظاهر، الأمور متجهة نحو التصعيد بعد ضم (أو انضمام) جزء من أوكرانيا إلى روسيا، حيث تجد الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم، في موقف يجعلها تعدّ الأصحاب والأعداء، رافضة الحياد كموقف، وهي تستعد لأسوء السيناريوهات بسبب حرصها على استعادة أوكرانيا لما فقدته من أراضيها ومن ثمة هزم روسيا كهدف استراتيجي. وعليه، لن تلبث الإدارة الأمريكية أن تلجأ إلى تطبيق قانون أصدر سنة 2017، بصورة انفرادية وقررت تطبيقه خارج أراضيها على كل من تعتبره عدوا لها. يتعلق الأمر بقانون يقضي بفرض عقوبات على خصوم أمريكا، معتبرين إياه قابلا للتطبيق على الجزائر بالنظر إلى أهمية صفقات الأسلحة المبرمة بين الجزائر وروسيا. وهناك قانون آخر، متصل بالسياق ذاته، صدر العام نفسه، يقضي بـ «احتواء » المحاولات الروسية لبسط نفوذها في أوروبا ويوراسيا

أهذا ما يفسر تزامن هذه الخرجة مع انعقاد الدورة المشتركة الروسية الجزائري  إذن؟

ليس من المستبعد أن تكون مجرد مصادفة، ذلك أن انعقاد الدورة المشتركة الجزائرية الروسية هذه المرة هو العاشر من نوعه ويخص أمورا عادية جدا تتمثل في التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني. ومع ذلك، انعقاد مثل هذا الاجتماع، في ظل الظروف الحالية، قد تكون له دلالة خاصة بالنسبة إلى روسيا لتبرهن، من خلاله، أن هناك دولا مصممة على التعاون معها في جميع المجالات وفي جميع الظروف

هل صحيح الموقعون محسوبون على اللوبي المغربي الاسرائيلي؟

 النائبة الأمريكية ليزا ماكلين، مثل السيناتور ماركو روبيو، من مناصري إسرائيل. وعليه، فإن موقفهما من المغرب لابد وأن يندرج في سياق المقولة «صديق الصديقِ صديقٌ». وبغض النظر عن موقف هاتين الشخصيتين، فإنه من البديهي أن تسعى المغرب، بتأييد قوي من إسرائيل، إلى خلق صعوبات للجزائر. لكن، ذلك لا ينفي كون أعضاء الكونغرس الأمريكي والسلطات الأمريكية بصورة عامة غير راضين عن العلاقة الوثيقة بين الجزائر وروسيا في مجال الأسلحة المتطورة التي تعتبر الجزائر من الدول القليلة جدا التي تحصل عليها من روسيا. أضف إلى ذلك أن أمريكا وأوروبا ربما تخشيان من أن تتمكّن روسيا من إقامة قاعدة عسكرية بالجزائر على غرار ما فعلت في سوريا في حالة تأزّم العلاقات الدولية. فمند الآن، تحرص أمريكا على بعث رسالة واضحة لبلدان العالم أن التعامل مع روسيا حاليا يعتبر من باب المعاداة لها

هل ستؤثر هذه التطورات على المناورات الجزائرية الروسية؟

أكيد، ستُعتبر هذه المناورات العسكرية بين الجزائر وحليفتها روسيا بمثابة تحدٍّ لأمريكا والمغرب على تلك المناورات التي جرت بين جيشي البلدين بالقرب من الحدود الجزائرية شهر جوان الفارط

اليوم،تجد الجزائر نفسها في وضعية صعبة حقيقة. فحتى في حالة ما إذا كانت هذه المناورات مقررة من قبل، فإنه سيكون من الصعب، في الظروف الراهنة، على الجزائر إقناع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أن «المناورات العسكرية الجزائرية الروسية ليست ضد أي طرف». بالنظر إلى المستجدات، ليس من المستعبد أن تطالب أمريكا الجزائر بإلغاء هذه المناورات

هل سيرضح بلينكن لهذه الضغوط ؟

القضية لا تتعلق ببلينكن وحده. المسألة مرتبطة بالإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن بحسب التطورات على الساحة الأوكرانية وعلى مستوى العلاقات بروسيا بصورة أعم. لكن من المؤكد أن ممثلي الإدارة الأمريكية قد أعلنوا للسلطات الجزائرية، في أكثر من مناسبة، عدم رضاهم عن التقارب المتزايد بين الجزائر وروسيا.

ما رأيك في الموقف الجزائري من الحرب الأوكرانية ومن التعاون مع روسيا في الظرف الحالي؟

من المفروض أن ينأى بلدنا بنفسه عن الصراعات بين القوى العظمى وأن يتفادى أي نوع من الضغوط مادامت له من الإمكانيات ما يجعله في غير حاجة إلى أي أحد يتصدّق عليه. اليوم، يبدو أن الجزائر مكرهة على الوضعية التي هي فيها لأن القائمين على شؤونها لم يفكروا في المستقبل كما يجب حين اقتصروا على روسيا في تسليح جيشنا. طبعا، ليس لأسباب جيوسياسية فقط بل أيضا لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية أيضا، لاسيما بعد الهزة العميقة التي تسبب فيها الحراك لمنظومة الحكم. إن الأمور لتبدو، اليوم، وكأن منظومة الحكم هذه تبحث لدى روسيا عن حماية أجنبية في حال ما إذا ساءت الأمور في البلاد إلى ذلك الحد الذي يفتح المجال لتدخل قوى أجنبية

هذا، ولابد من الإشارة إلى أمر آخر، ألا وهو مستوى أصحاب القرار عندنا. يظل هذا المستوى غير مشرِّف تماما لأن أصحابه لم يستطيعوا بعدُ الارتقاءَ إلى حيث تكون المبادئ والمصالح يسند بعضها بعضا ! ضعفهم هذا له سببان أساسيان. أولا، فقدان المشروعية السياسية جراء تدخل القيادة العسكرية السافر في السياسة. ثانيا، الاعتماد على الكفاءات الضعيفة لخلق زبونية وعدم منح المسؤول في الدولة الصلاحيات التامة كي يمكن مساءلته عن قراراته وأفعاله.

فعلا، إذا كان السعي لتحقيق المصلحة غير مستند إلى حد أدنى من المبادئ فسيكون مجرد سفاهة. كذلك المبادئ إذا كانت غير مستندة إلى المصلحة فتصبح مجرد شطحات تخفي ما تخفي وراءها

حوار: محمد إ