الحدود الجزائرية المغربية: أثارٌ لمآسي مهاجرين تحدو عسكرة الحدود، السجون ومخاطر الموت - Radio M

Radio M

الحدود الجزائرية المغربية: أثارٌ لمآسي مهاجرين تحدو عسكرة الحدود، السجون ومخاطر الموت

Radio M | 15/03/24 17:03

الحدود الجزائرية المغربية: أثارٌ لمآسي مهاجرين تحدو عسكرة الحدود، السجون ومخاطر الموت

تبدو الحدود الجزائرية المغربية المغلقة، تعاني من تشديدات أمنية أكبر في السنوات الأخيرة، وهذا قد يكون سببًا في تضيق نطاق حركة التهريب وشبكات الاتجار بالبشر والمهربين. كما يبدو أن هذه الإجراءات تأتي في إطار التوتر الأمني بين الجزائر والمغرب، الذي يمكن أن يكون له تأثير كبير على حركة الهجرة والتجارة غير الشرعية عبر الحدود.

أحد مراكز العبور البرية بين الجزائر والمغرب المغلقة

إن إعلان المملكة المغربية عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في ديسمبر 2020 ورد فعل الجزائر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في أوت 2021، له تأثيرات متعددة على الأمن والحركة عبر الحدود بين البلدين.

ومن المرجح أن يكون لهذه الخطوات تأثير مباشر على الأمن والحركة عبر الحدود بين الجزائر والمغرب، حيث قد يزيد من التوترات الأمنية ويؤثر على حركة الهجرة وشبكات الاتجار بالبشر. ويمكن أن تزيد هذه الخطوات من التشديد على الرقابة الحدودية وتعزيز الإجراءات الأمنية والعسكرية على طول الحدود، مما يقلل من حركة الهجرة غير الشرعية ويصعب عمل شبكات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.

هذه التطورات قد تزيد من التوترات الأمنية والإجراءات القوية على الحدود، ويمكن أن تؤثر سلبًا على الأشخاص الذين يحاولون عبور الحدود بشكل غير شرعي. كما قد تزيد هذه الخطوات من التوترات في المنطقة بشكل عام وتؤثر على الاستقرار الإقليمي.

يبدو إن « وادي جورجي » في مدينة مغنية بولاية تلمسان، كان مكانًا لإقامة وتجمع المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء الإفريقية في السنوات الأخيرة أين يعتبر استخدام الأماكن الجافة والنائية مثل « وادي جورجي » كمحطات أخيرة في مسار الهجرة أمرًا شائعًا، حيث يمكن للمهاجرين استخدامها كنقطة تجمع وتجهيز قبل المضي قدمًا في رحلتهم نحو الوجهة المقصودة، سواء كانت المغرب أو إسبانيا.

مثل هذه المناطق غالبًا ما تكون غير مأهولة بالسكان وتقع في مناطق نائية، مما يجعلها ملاذًا مؤقتًا للمهاجرين. ومع ذلك، فإن استخدام مثل هذه الأماكن يمكن أن يكون خطرًا على سلامة المهاجرين ويعرضهم للمخاطر، سواء من الطبيعة القاسية للبيئة أو من قبل الجهات الأمنية المحلية التي قد تكون تفرض إجراءات صارمة على الحدود.

المهاجرون الأفارقة بمدينة مغنية يخلون وادي جورجي الحدودي لاختيار وجهة أخرى

هذا ما تبقى من محطة وادي السواني التي كان القطار يتوجه للمناطق الحدودية في عهد الاستعمار.

فؤاد حصام، الحقوقي المتخصص في شؤون الهجرة واللجوء، يربط إخلاء المهاجرين الأفارقة من « وادي جورجي » بتحسن الجهود الأمنية وتعزيز إجراءات حرس الحدود ومراكز المراقبة لكلا الدولتين، المغرب والجزائر. وفقًا له، فإن هذا الإجراء قد يكون قد جاء نتيجة للضغط الدولي والداخلي لتحسين التعاون الأمني بين البلدين ومنع تواجد المهاجرين غير الشرعيين على الحدود.

يُعتبر إخلاء « وادي جورجي » من المهاجرين وتوجيههم إلى وجهات أخرى على مسارات الهجرة نحو أوروبا مؤشرًا على تحركات جديدة وتحدي جديد، لتنسيق الأمن بين البلدين.

يبدو أن وجود الخيام والمراقبة المكثفة في تلك المناطق الجزائرية مثل مغنية وباب العسة ومرسى بن مهيدي يعكس التحديات الأمنية التي تواجهها هذه المناطق، وخاصة فيما يتعلق بتهريب المهاجرين والمخدرات.

إن وجود الخيام والمراقبة المكثفة يشير إلى توجه السلطات نحو تعزيز الأمن ومراقبة النشاطات غير القانونية، بما في ذلك تهريب المهاجرين والمخدرات، وسط توتر أمني بين البلدين.

الإضطرابات الأمنية على الحدود والتشديد على مراقبتها أدى إلى تحويل مسارات الهجرة إلى مناطق أخرى تقل أو تزيد من خطورتها، وهذا يعتمد على عدة عوامل بما في ذلك الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية في المنطقة المعنية.

في حالة تونس وليبيا واختيار المهاجرين للتوجه إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط، قد تكون الأسباب متعددة، ومن بينها الطرق والمسارات أكثر سهولة وأمانًا للوصول إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط مقارنة بمحاولة عبور الحدود البرية بين المغرب وإسبانيا.

على الرغم من أن الهجرة عبر البحر المتوسط تحمل مخاطر عالية وقد تتسبب في حوادث وفاة وكوارث إنسانية، فإن بعض المهاجرين يختارون هذا المسار نظرًا لقلة البدائل أو تحسن الظروف السياسية والاقتصادية في البلدان المصدرة للهجرة.

مقبرة سيدي الحبيب شاهد لمأساة المهاجرين الأفارقة المفقودون

قبر مهاجرة من دول جنوب الصحراء مجهول الهوية

إن وجود عدد من جثث المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء الإفريقية مدفونة في مقبرة بالقرب من ضريح « سيدي الحبيب » في مدينة مغنية، كما توثقه الصور الملطقة، يعكس الجوانب الإنسانية والاجتماعية لظاهرة الهجرة وتداعياتها. فشملت هذه المقبرة دفن جثت المهاجرين الذين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم الوصول إلى وجهتهم المقصودة.

فارتئت السلطات المحلية لمدينة مغنية، تخصيص قطعة أرض جديدة واستحداث مقبرة جديدة تمسمى « مقبرة العزة » لدفن الموتى الجزائريين، بما في ذلك الحراقة الجزائريين المفقودين، بعدما امتلئت المقبرة القديمة لمغنية عن أخرها، وأصبحت لا تتسع لدفت الموتى الجزائريين..

في بعض المجتمعات التقليدية، تعتبر العادات والتقاليد الدينية والثقافية مهمة جدًا في عمليات الدفن، حيث يتم رفض دفن غير المسلمين في مقابر المسلمين وفقًا للعقيدة الدينية في الجزائر. هذا الرفض يمكن أن يفرض تحديات على السلطات المحلية عندما يتعلق الأمر بتوفير مكان للدفن للأشخاص غير المسلمين.

وإن كان تحديد هويات المهاجرين غير الواضحة أمرًا معقدًا، ولكن كان من الضروري و المهم توفير مكان لدفنهم بكرامة واحترام، بغض النظر عن جنسيتهم أو ديانتهم.

مقبرة مغنية التي توقفت فيها عمليات الدفن بسبب التشبع والاكتظاظ.

إذا كانت مصلحة حفظ الجثث بمستشفى مغنية تشهد ضغطًا غير مسبوق في السنوات الأخيرة، فهذا يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه السلطات في التعامل مع تدفق المهاجرين غير الشرعيين والتعامل مع جثثهم. ما قد تسبب في تجاوز قدرة استيعاب مصلحة حفظ الجثث واجبر السلطات على اتخاذ إجراءات طارئة لدفن جثث المهاجرين والحراقة بشكل سريع.

تواجه السلطات الجزائرية والمحلية تحديات كبيرة في تحديد هوية وجنسية المهاجرين غير الشرعيين الذين توفوا، وهو أمر يمكن أن يصعب عملية الدفن ويضع ضغوطًا إضافية على مصلحة حفظ الجثث. على الرغم من جهود البحث التي تباشرها السلطات الجزائرية مع سفارات الدول الإفريقية، قد يكون من الصعب تحديد هوية بعض المهاجرين بسبب غياب الوثائق أو البيانات الشخصية.

يظهر هذا الوضع التحديات الهائلة في التعامل مع أزمة الهجرة غير الشرعية، ويؤكد على ضرورة تعزيز التعاون الدولي وتطوير الآليات والسياسات للتعامل مع هذه الأزمة بشكل أكثر فعالية وإنسانية.

قبر مهاجر توفي بوادي جورجي بمدينة مغنية (ولاية تلمسان الحدودية).

دفن لجثت حراقة بعد تعذر التعرف على هويتهم:

وكشفت إحدى، عائلات الحراقة الجزائريين، الذين قضوا غرقاً في البحر، رفضت الكشف عن هويتها، أنها تلقت إخطاراً من طرف مصالح الدرك الوطني، تخبرها بدفن ابنها المفقود، بإحدى مقابر مدينة مغنية، إثر تطابق الخبرة التي أجريت على الجثة « أى دي أن » على عينات العائلة و التي صدرت من طرف معهد الأبحاث الجنائية بمدينة بوشاوي بالجزائر العاصمة التابع للدرك الوطني.

وعليه قرّرت العائلة، مباشرة إجراءات قضائية، لاستخراج الجثة ونقلها للدفن بمدينة وهران، مكان إقاة العائلة.

ظهور الهجرة العسكية من المغرب نحو الجزائر، ما هي الدوافع ?

مطعم الحدود : مغلق في غياب الحركية بين البلدين.

توضح تصريحات فؤاد حصام، الخبير في شؤون الهجرة، عدة عوامل تسهم في زيادة ظاهرة الهجرة غير الشرعية للشباب المغربي إلى الجزائر وإسبانيا:

  1. ارتفاع تكاليف الهجرة غير الشرعية: يعود جزء كبير من هذه الظاهرة إلى ارتفاع تكاليف الهجرة غير الشرعية عبر القوارب من المغرب إلى إسبانيا. يمكن لهذا الارتفاع في التكاليف دفع بعض الشباب المغربي إلى استكشاف مسارات هجرة جديدة عبر الجزائر وإسبانيا.
    • الاتفاقيات الدولية: توقيع المغرب اتفاقيات مع إسبانيا لإعادة المهاجرين المغاربة إلى المغرب يمكن أن يكون له تأثير كبير على تفضيل بعض الحراقة المغاربة الإدلاء ببيانات مزورة تدعي أنهم جزائريين عند القبض عليهم، بهدف تجنب الإعادة إلى المغرب.
      • دور بارونات شبكات الهجرة: يبدو أن بارونات شبكات الهجرة تلعب دورًا في توجيه بعض الشباب المغربي نحو الهجرة غير الشرعية عبر الجزائر إلى إسبانيا، وذلك عن طريق تقديم أسعار مغرية أو توفير خدمات للهجرة.

يظهر هذا التحليل أن زيادة ظاهرة الهجرة غير الشرعية تعتمد على مجموعة من العوامل المتشابكة، بما في ذلك الأسعار، والسياسات الاجتماعية والاقتصادية المتباينة في الجزائر والمغرب ، وتدخل بعض الجهات غير الشرعية، وتحتاج إلى استراتيجيات متعددة للتعامل معها بشكل فعال.

وهي ثلاثة أسباب رئيسية ، رفعت من نسبة تواجد الشباب المغربي في عدد من السجون الجزائرية في المدة الاخيرة، في وقت أعلنت فيه مصالح وزارة الدفاع الوطني الجزائري، عن حالة وفاة شاب مغربي اجتاز الحدود البحرية الجزائية ، إثر طلق ناري، واعتقال في مناسبة ثانية مغاربة اجتازوا نفس الحدود بنفس الطريقة.

وفيما يتعلق بالحالات المذكورة لوفاة شاب مغربي على الحدود البحرية الجزائرية واعتقال مغاربة آخرين بنفس الطريقة، فقد تعكس هذه الحوادث التوترات والتحديات الأمنية المتزايدة على الحدود، وزيادة المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين أثناء محاولتهم عبور الحدود بطرق غير قانونية.

 انجز هذا المقال كجزء من نشاط ”شبكة المواقع الاعلامية المستقلة بخصوص العالم العربي“، وهي إطار تعاون إقليمي تشارك فيه ”السفير العربي“، و”مدى مصر“، و”مغرب اميرجان“، و ”بابل ماد“ و ”ماشا الله نيوز“، و”نواة“، و”حبر“ و”أوريان XXI “ .