السفير الفرنسي غزافيي دريونكور: حاولت إقناع باريس أن الخامسة لن تكون - Radio M

Radio M

السفير الفرنسي غزافيي دريونكور: حاولت إقناع باريس أن الخامسة لن تكون

Radio M | 17/03/22 15:03

السفير الفرنسي غزافيي دريونكور: حاولت إقناع باريس أن الخامسة لن تكون

يتصفح السفير الفرنسي السابق، غزافيي دريونكور، رؤوس الأقلام التي سجلها في فترة عمله  في الجزائر، ويقف عند محطة الحراك الشعبي ورحيل بوتفليقة في حوالي عشر صفحات من كتابه « الجزائر اللغز ».

 الإصدار الجديد الذي يحمل توقيع السفير الفرنسي الذي عمل لعهدتين في الحزائر (2008-2012 ثم 2017-2020) يضاف إلى سلسلة إصدارات لمسؤولين سياسيين أجانب حول الجزائر في المدة الاخيرة.

ويقول غزافيي دريونكور أنه « شعر بعدم ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة منذ أواخر سنة 2018 ». ومع ذلك يضيف المؤلف « صدمت في 2018 وأوائل 2019 من اليقين الذي كان بيديه كل الذين التقيتهم من وزراء ومسؤولين حزبيين، زرتهم أو التقيتهم بمناسبة أعياد وطنية. لم يكن هناك أدنى شك لديهم: العهدة الخامسة ستكون نسخة العهدة الرابعة، أي  وبوتفليقة سيعاد انتخابه وهم يستغربون لماذا تطرح « أسئلة مجنونة في باريس »…

من الأمثلة التي يقدمها السفير الفرنسي عن « يقين المسؤولين الجزاىريين »  ما قاله وزير الخارجية آنذاك عبد القادر مساهل لرئيس المعهد الفرنسي العلاقات الدولية تيري مونتبريال في مأدبة غذاء يوم 31 جانفي « حضرها كل هرم وزارة الوزارة وأنا » يقول غزافيي دريونكور. مساهل قال لضيفه في هذه المناسبة أن « العهدة الخامسة ستكون أكثر تجديدا واكثر ثورية من الرابعة ». ونقرأ في الكتاب أيضا أن نفس الخطاب كرره وزير العدل، طيب لوح لنظيرته الفرنسبة نيكول بيلوبي التي زارت الجزائر في نفس الفترة.

وفي باريس حاور الصحفي المخضرم جون بيير الكاباش السفير الجزائري، عبد القادر مسدوة الذي « أبعد كل التحفظات المحتشمة لمحاوره وعبر عن سقينه أن بوتفليقة سيعاد انتخابه » لكن في الوقت، يلاحظ السفير الفرنسي « إبنه (ابن عبد القادر مسدوة) كان يدعو لمساندة الحراك الشعبي. ويقول دريونكور هنا « استمعت باهتمام كبير لتصريحاته لكن تحليلي كان مخالفا ».

عكس سفيرنا إذن، السفير الفرنسي كان يرى « منذ أواخر 2018 » على حد تعبيره « كم هو صعب إعادة انتخاب أي  رجل سياسي، في فرنسا أو غيرها في أوربا، في عصر تلعب فيه وسائل التواصل الاجتماعي مثل هذا الدور » ويضيف « أعلم أن مقارنة الجزائر بالديمقراطيات الغربية غير ممكن. كنت مخطئا طبعا، لكنني في أعماق نفسي لم أصدق إمكانية العهدة الخامسة كما لم أتمكن من إقناع الإليزيه ولا الكي دورسي بموقفي ».

الهامل وأويحيى وسعيد بوتفليقة ولقاء حيدرة مع توفيق وسعيد

دريونكور قدم شهادات أخرى عن مؤشرات عدم ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، منها لقائه بمدير عام الأمن الوطني السابق، عبد الغني هامل. وقال عن هذا الأخير « الأمريكيون راهنوا عليه في فترة ما. شاب شجعه هذا السياق على الايمان بحظوظه بمستقبل وطني، علما أنه علق صورته في كل مراكز الشرطة، في سابقة لم نعتدها. إلتقيته في حوار ثنائي سنة 2017، بينما سبق لي أن إلتقيت به في عديد المناسبات، منها لقائي به ففي باريس بمناسبة عيد استقلال الجزائر. شد إنباهي بغطرسته ونظرته الاحتقارية لمن يحاوره… لقاؤنا دام 20 دقيقة، كله شكاوى وإنتقادات وإحتجاج عن وضع التعاون البوليسي بين بلدينا »

وعن أويحيى قال دريونكور في كتابه « قيل لي أنه بمناسبة الحفل الذي أقيم في باريس بمناسبة الذكرى المئوية للاستسلام، أخبر محاوريه الفرنسيين أنه على الاستعداد إذا إمتنع بوتفليقة عن الترشح لعهدة خامسة ». أما سعيد بوتفليقة، فقال عنه « النظام فشل في الاتفاق حول إسم آخر ومصالح هذا الأخير كانت تدفع لذلك (العهدة الخامسة). وكان أن يبدو محيطه (محيط بوتفليقة)، خاصة شقيقه سعيد، يسير في هذا الاتجاه ».

دريونكور ترجم النص الكامل لأغنية « لاكازا دال مرادية » وقال عنها « تحولت إلى نشيد الحراك الشعبي » وكشف عن لقاء جمعته بشباب في العاصمة قبل الحراك بقليل، فهم منهم أن الأوضاع تغيرت كثيرا في الجزائر مقارنة بالفترة الأولى التي قضاها في بلادنا. اللقاء جرى في درارية مع سبعة شباب، واحد منهم فقط كان يسير مؤسسة صغيرة، أما البقية فيواجهون ظروفا صعبة. السفير الفرنسي تأكد في دردشة حول شاي وحلويات من « الهوة القائمة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني » كما نقرأ في الكتاب.

يقول السفير الذي إحتجت عليه السلطات الجزائرية وطلبت رحيله أنه كان يجتمع بسفراء الدول الأوربية لتبادل المعلومات، وفهم منهم أن السلطات الجزائرية أمرت الصحفيين والسياسيين بعدم الاتصال بالسفير الفرنسي.

وعن اللقاء الشهير الذي جمعه في حيدرة رفقة أحد أعوان المخابرات الفرنسية والجنرال توفيق وسعيد بوتفليقة ، قال أنه « إختراع المخابرات الجزائرية » وأن هذا السيناريو إلى جانب الشعارات المعادية لفرنسا  » تمثل أسوأ ذكرى له  » في تجربته الثانية بالجزائر.

وبالعودة إلى رؤوس أقلامه، يقول دريونكور أن باريس « أخطأت الطريق وكان عليها أن تبتعد أكثر عن نظام بدأت اللمسة العسكرية تتقوى فيه يوما بعد يوما » ويضيف « لقد قلتها مرارا في باريس وفي الكي دورسي ولمساعدي رئيس الجمهورية أن الجيش بصدد أخذ السلطة بهدوء لكن بقوة ».