المبلغ عن الفساد نورالدين تونسي : "بلّغت عن مفسدين، فوجدت نفسي أقاسمهم نفس القاعة بالسجن " - Radio M

Radio M

المبلغ عن الفساد نورالدين تونسي : « بلّغت عن مفسدين، فوجدت نفسي أقاسمهم نفس القاعة بالسجن « 

Radio M | 04/10/21 14:10

المبلغ عن الفساد نورالدين تونسي : « بلّغت عن مفسدين، فوجدت نفسي أقاسمهم نفس القاعة بالسجن « 

غادر، من عشرة أيام، المبلغ عن الفساد والمدير التجاري الأسبق لمؤسسة ميناء وهران، نورالدين تونسي، مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بوهران، بعد استنفاذه لعقوبة سنة حبس نافذة بتهم تتعلق بإهانة هيئة نظامية و التأثير على عمل القضاء.
وكان نورالدين تونسي ، قد اعتقل أيام فقط قبل زيارة وزير العدل حافظ الاختام بلقاسم زغماتي، لوهران، السنة الفارطة، ليقرر إيداعه الحبس الإحتياطي يوم 23 سبتمبر 2020 بملف جنائي ثقيل بشبهة التخابر مع عملاء دولة أجنبية، قبل أن يتم إعادة تكييف الوقائع لجنحة، أدين على إثرها بعام حبس نافذة رغم الاستئناف.
موقع « راديو.أم » اختار التقرب منه، والتحاور معه، للإجابة على بعض الأسئلة التالية : 
أولا، نورالدين تونسي، تغادر سجن وهران، بعد سنة كاملة ، بطبيعة الحال، انقطعت عنك أخبار الشأن السياسي العام، وأنت بعد قرابة عشرة أيام، عن اطلاق سراحك، كيف وجدت الجو السياسي والإجتماعي في البلاد وما هو أول انطباع لك :

بصراحة، شعرت من الوهلة الأولى، أن الوضع العام وضع غير واضح المعالم البتة، خاصة من الجانب السياسي، أمام غياب تام لدور الأحزاب السياسية ودور المجتمع المدني الذي كان فعالا منذ قبل. لدي انطباع أن الخوف قد حلّ في نفوس النشطاء الذين أصبحوا يخافون حتى من ابداء الرأي والنقد في قضايا بسيطة جدا، فهناك خوف عارم لم يكن موجود قبل فترة سجني.

خلال محاكمتك، قلت أنك قدمت ملفات حول قضايا فساد، شخصيا للمدير العام الأسبق عبدالقادر بوهدة قارة، و أنك ضحية تلك الملفات ، ماهي الملفات التي كنت تقصدها :

أولا، أصحّح، أن لم ألتقي مباشرة بالمدير العام الأسبق بوهدة قارة، لكن أرسلت إليه ملفات حول قضايا فساد لكي يفتح فيها تحقيق، وكان ذلك عن طريق شقيقه الطي كان يومها صديقا لي. ثم الملفات التي كنت أقصدها يوم المحاكمة فكانت تتعلق بقضايا فساد العقار بوهران، وهي القضية التي سجن على إثرها المدير العام الأسبق للوكالة العقارية للولاية، والتي كانت محل شكوى وتبليغ عن الفساد من طرف أحد أعوان إدارته وهو رئيس الفرع النقابي للوكالة.
فقمت بإيصال الملف، للمدير العام الأسبق للأمن الوطني بوهدة قارة ، عن طريق شقيقه، وهو الملف الطي لم يتلقى أي تجاوب إيجابي على مستوى المديرية الولائية للأمن الوطني بوهران من قبل، لكن بعد تدخلي تحركت الشكوى بل وتفرّعت، وتم فتح تحقيق في ممتلكات رئيس أمن ولاية وهران الأسبق مراقب الشرطة صالح نواصري المسجون بعقوبة 8 سنوات نافذة، وفي حق العقيد السابق شقيق المدير العام الأسبق للأمن الوطني، يماني الهامل المسجون بخمس سنوات نافذة مع حجز ممتلكاته، والمدير العام الأسبق للوكالة العقارية الذي خفضت عقوبته بعد قرار سجني من عقوبة 7 سنوات مع حجز الأملاك، إلى عقوبة 3 سنوات دون حجز الأملاك، إضافة إلى رئيس بلدية السانيا الأسبق المسجون هو الأخر. وكانت الشكوى والملف يتعلق بتحويل وجهة عقار مخصص لمشاريع ومرافق عمومية إلى تعاونية عقارية ، استفاد منها المربون من مدير الوكالة العقارية وهي عبارة عن 18 قطعة أرضية ذات مساحة 450 متر مربع للقطعة الواحدة.

هيئة دفاعك، أشارت إلى وجود ملفات بلغت أنت عنها أمام مصالح وزارة العدل في عهد الوزير بلقاسم زغماتي، وجدت في ملف المتابعة ضدك، أي نوع من الملفات :
للأسف هذا ما حدث، فكوني كنت معروفا بنشاطي على صفحتي على الفايسبوك ، كمبلغ عن قضايا فساد ومحارب لها، ومساند للمبلغين عن الفساد، كنت أتلقى بعض الملفات من قضايا تخص الفساد، والتي أصحابها لم يجدوا طرق أمنة لتوصيلها والتبليغ عنها، وفي بعض الأحيان كانوا يرسلونها للجهات الرسمية والقضائية لكن دون جدوى.
وبما أنني كنت أنشر دون خوف معطيات لبعض القضايا مثل قضية مشروع تراموي وهران، الذي استنزف أكثر من 500 مليون دولار، بعدما كانت القيمة الأولية المخصصة للمشروع لا تتجاوز 250 مليون دولار فقط، وهو الملف الذي وصلني عن طريق مبلغ عن فساد، فقمت بنشر جزئيات صغيرة من التلاعب بالأسعار الخاصة بقطع ألالات تراموي مستوردة لمشروع وهران، بقيمة 66 ألف أورو للقطعة الواحدة، بينما كلفت نفس القطع للألأت بمشروع تراموي ولاية سيدي بلعباس بـ15 ألف أورو فقط. وهذا مثال صغير على طريقة تضخيم الفواتير في مشروع تراموي وهران، والأمثلة كثيرة وموجودة على صفحتي عبر الفايسبوك.
وحصريا لموقع « راديو.أم »، أبلغ قراء الموقع والرأي العام الوطني، أنه بعد سجني تم فتح تحقيق من طرف مصلحة مكافحة الجرائم المالية والإقتصادية لدى مديرية أمن لولاية وهران في هذا الملف، وهو الأن بين يدي قاضي التحقيق لدى محكمة وهران، ينتظر تعيين خبير فيه.
إضافة إلى ملف أخر، قمت بالتبليغ عليه، وخضعت للتحقيق فيه من طرف قاضي التحقيق الذي كان يحقق معي في قضيتي، وهو ملف متعلق بمادة الـ »الكلينكر » الذي يستعمل في صناعة مادة الإسمنت ، والذي كان يستورد من الخارج، بمقدار مليون طن سنويا أي اكثر من 100 مليون دولار ، من طرف الشركة الفرنسية « الفارج » والشركة التركية « أس.بي.سي.سي ». هذه المادة كانت متوفرة بالبلاد بأسعار منخفضة وزهيدة، ولما قمت بالتبليغ عن القضية أمام فرقة البحث والتحري لدى الدرك الوطني بوهران، ثم التوقف عن استيراد هذه المادة مباشرة سنة 2014.
لكن قاضي التحقيق، سألني واستجوبني ، مجددا في القضية، في ملف التخابر ، بعدما وجني ارسلت الملف لحجة أمنية لدى مصالح استعلامات الشرطة، عبر تطبيق « الفابير » لكنه لم يسألني عن تلك المراسلة وراح يسألني عن نفس الإرسالية عبر تطبيق « واتسب »، وهو نفس الشخص التابع للجهة الأمنية ، لكن كنت قد سجلت اسمه باسم أخر في التطبيق الثاني، فقاضي التحقيق لم يسألني عن الشخص الأول، في ملف التخابر مع جهات أجنبية، ما يؤكد أنني كنت أبلغ جهات رسمية أمنية جزائرية.
وما كان يهمني في هذا الملف، هي المعلومات الخاصة بالشركة ونشاط مسؤولها وعلاقاته مع نظام « المخزن » ، كما ذكره لي المبلغ عن تلك الوثائق والذي هو في الأصل صديق لي، وقد كنت صرحت بذلك خلال جلسة محاكمتي.
كيف تلقيت خبر إيداع رئيس منتدى المؤسسات ورجل الأعمال علي حداد، رفقة عدد من رموز ما يسمى بـ »العصابة » :
يوم سجن علي حداد، وما يعرف بالعصابة، اعتبرت ذلك مؤشرا إيجابيا ومؤشر خير على البلاد لكوني قد بلّغت عن فسادهم ، لكن بعد أن تحدثت عن ملف فساد علي حداد سنة 2016، عن ملف فقدت بسبب وظيفتي بمؤسسة ميناء وهران، وكنت أنتظر رد الاعتبار لشخصي يوم سجنه والتحقيق في كل النقائص التي جرت أثناء التحقيق القضائي وليس على مستوى الدرك الوطني، لكن يوم 23 سبتمبر من عام 2020، تاريخ إيداعي السجن، تغيرت رؤيتي ونظرتي لسجن ما يسمى بالعصابة، لأنني وجدت نفسي أقاسمهم نفس القاعة بالسجن مع أولئك الذين بلغت عنهم وعن فسادهم في حق البلاد.
وعليه أقول أنني لن أقدم شهادتي في قضية علي حداد التي ستطرح للنظر فيها أمام محكمة وهران، لأنني أرفض الوقوف عند نفس القاضي الذي حكم عليا بسنة سجن نافذة، ولن أقدم شهادتي في قضية كنت أنا من فجرها ودفعت ثمنها غاليا، من طرد تعسفي من العمل ومتابعات قضائية، وأخيرا السجن لمدة سنة كاملة. .

بعد هذا، هل تعتقد أن الجزائر الجديدة تحارب الفساد والمفسدين :

إجابتي وملاحظتي على السؤال، ستكون بطرح سؤال عكسي وعلى السلطة الحالية، الإجابة عنه، هل ستحقق السلطات الحالية في طلباتي بفتح تحقيق في ملابسات القضية المدبرة وليس الكيدية ضد شخصي من أجل إسكاتي في التبليغ عن الفساد أو الحديث عن ما يخشاه البعض.
هناك بعض الأخبار المتداولة، مفادها أنك التقيت بأعوان إدارة مدير الأمن الداخلي السابق واسيني بوعزة، المتهم بقضايا فساد كثيرة :
هذا غير صحيح، وغير مؤسس ولم التقي أحدا، ولم يتقرب مني أحد من إدارته يومها. ولو تقربوا مني لوفرت لي الحماية اللازمة لوم يتم إيداعي السجن.
أترك لك كلمة الختام :
أولا أطلب رد الاعتبار لي أولا كمبلغ عن الفساد، بلّغ عن الفساد أثناء فترة ما يسمى بـ »حكم العصابة »، وثانيا ، أوجه رسالة لوزير العدل الحالي، تخص تطبيق مضامين قانون الإجراءات الجزائية، المتعلقة بالمبلغين عن الفساد والشهود والخبراء ، التي جاءت في مواد 65 مكرر 19، 65 مكرر 20، مكرر 21 وما يليها مكرر28.
وهي قوانين جاءت في سياق التوقيع على مواثيق و معاهدات دولية متعلقة بمكافحة الفساد وحماية المبلغين عنه.
حاوره: سعيد بودور