في الـسادس والعشرين من شهر سبتمبر الفائت، أعلنت حركة مجتمع السلم(حمس)، قراراها بالتصويت بـ »لا » على مشروع التعديل الدستوري في استفتاء مقرر يوم الفاتح من نوفمبر القادم.
ليس هذا فقط، إذ أن حمس دعت على لسان رئيسها عبد الرزاق مقري، الجزائريين بالقول « اذهبوا بالملايين إلى الصندوق وعبروا بـ (لا) لهذه الخروقات التي مست هويتكم وبينوا أن الأغلبية الشعبية تستطيع أن تغلب اللوبيات ». في إشارة منه إلى أن وثيقة الدستور تخدم التيار العلماني، وفق اعتقاده.
وأضاف مقري : « التصويت بـ (لا) هو لرفض هذا التوجه والدستور والتيار العلماني المسيطر.. ومقاطعة الاستفتاء تأتي لتسهيل تمرير هذا الدستور وهناك تيار في هذه البلاد يظهر أنه مع المقاطعة لكن أفكاره موجودة في هذا الدستور وهو يريد تزكيته ».
تعيين جعبوب.. مفاجأة
تصريحات رئيس حمس، أثارت الكثير من الجدل، إلا أن ردّ السلطة لم يتأخر على ما يبدو، من خلال تعيين الرئاسة للقيادي في الحركة، الهاشمي جعبوب وزيراً للعمل، وهو المنصب الذي كان شاغراً ويُسير بالنيابة، عقب إنهاء مهام يوسف شوقي عاشق نهاية شهر جويلية.
وسبق أن شغل جعبوب منصب وزير التجارة، وأيضاً وزير المؤسسات الصغيرة في حكومات سابقة، في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وعقب تعيين جعبوب، علق رئيس الحركة عبد الرزاق مقري على صفحته في « فيسبوك » ، « نؤكد بأنه لا علاقة لنا بالموضوع »، مشيرا إلى أن « المكتب التنفيذي الوطني للحركة سيجتمع الخميس بهذا الخصوص ».
وذكر مقري في تغريدة أخرى على تويتر: « نُخبر الرأي العام بأننا لم نستشر في الموضوع، لا من الحكومة، ولا من قبل المعني (جعبوب).. بعد التأكد من الموضوع ستقرر مؤسسات الحركة التصرف المناسب حياله ». نقاش سياسي وتساؤلات ولم تكشف الحركة (لحد كتابة هذه الأسطر) عن القرار الذي ستتخذه في حق جعبوب، لكن هذا التعيين أثار نقاشاً واسعاً على منصات مواقع التواصل الإجتماعي، وفتح المجال لطرح تساؤلات عن آليات ممارسة السياسة في الجزائر، وما هي الأسس التي تعتمد عليها.
وطرح مصطفى علام جملة من التساؤلات في منشور على الفايسبوك قائلا « هل تعيين جعبوب وزيرا للعمل، يعتبر ؛ زكارة في مقري ؟ أم خدمة لمقري ؟ أو مد جسر مع أبناء نحناح كلهم، بما فيهم مقري؟ في المقابل قال الإعلامي والمدون عبد المجيد خلادي « خبر تعيين الهاشمي جعبوب على رأس وزارة العمل و التشغيل و الضمان الإجتماعي خلفاً ليوسف عاشق شوقي كان مفاجأة من العيار الثقيل للكثيرين و منهم أنا شخصياً و لكن من الواضح أن هذا الخبر لم يكن مفاجأة لمقري فحسب و إنما صدمة كبيرة داخل بيت حمس ».
وذكر في منشور على صفحته الرسمية فايسبوك « هذه الخطوة لها تفسيرين لا ثالث لهما… يا إما هذه عقوبة لحمس و مقري شخصياً بعد التصريحات الأخيرة حول الدستور الجديد بقوله أن الشعب الجزائري لم تكن له كلمة في أي دستور من الدساتير التي مرت على تاريخ الجمهورية، على غرار تصريحات حول بما يسمى « اللوبيات » وخدمة للمصالح الغربية ».
وأضاف صاحب التدوينة في السياق: « بهذه الخطوة الخطيرة التي أقدمت عليها سُلطة الأمر الواقع قرأتها بأنها تحذير لمقري شديد اللهجة مضمونه يقول : » لنا القدرة على خلق اضطرابات وانشقاقات داخل الحزب و لن تكن لك مقدرة عن صد أي ردة فعل منا، أيضاً لنا القدرة على استدراج أي شخصية لها تأثير داخل الحزب و مقربة منك و ندخلها بيت الطاعة ».
ويذّكر الإعلامي خلادي « هذه هي رسالة النظام إلى حمس إذا كانت عقوبة، أما إذا كانت صفقة سرية تمت بين حمس أو مقري و النظام فمقابله هو عربون المشاركة في الاستفتاء القادم بـ » لا » و هي بمثابة زيادة نسبة المشاركة و إعطاء شرعية لهذا الدستور.
هذا وكتب الإعلامي عثمان لحياني قائلا « وعد آخر من وعود الرئيس تذهب في الريح، من تعهدات الرئيس خلال حملته وحوارته الأخيرة أخلقة العمل السياسي ..وتعيين جعبوب لا علاقة له بالأخلقة السياسية ، هو فعل غارق في الكيدية السياسية ».
وأضاف « مازال منصب وزاري آخر شاغرا (كاتب الدولة المكلف بالجالية ) لعل السلطة تبحث في ثنايا أحزاب معارضة أخرى، عن جعبوب آخر فيها . وعبر لحياني بقوله « الأمر المقلق أكثر في نفس السياق أن التعيينات في « الجزائر الجديدة »، مازالت تخضع للحسابات السياسوية، والمناصب الحكومية تستخدم كما في السابق للتوظيف والاغراء أو المشاحنة السياسية المراهقة ، بدلا من مقتضيات تدبير الشأن العام ».