تميّزت السنة الثالثة من العهدة الأولى للرئيس عبد المجيد تبون، بتسجيل انتقادات دولية ودبلوماسية وحقوقية عديدة، لم تشهدها الجزائر سابقًا، سواءاً من حيث المُدة الزمنية القصيرة وتنوُع المُنتقدين ومطالبهم. فلا تزال سنة 2022 تُسجل المزيد من الإنتقادات والرسائل، لتبلغ مطالب الضغط على السُلطة في الجزائر وحكومتها حد « فرض وإقرار عقوبات »، على خلفية ملفين أساسيين: التعاون مع رُوسيا والتضييق على الحريات الديمٌقراطية.
وبتاريخ 30 مارس من العام الجاري، نشرت وعلى غير العادة، كتابة الدولة الأمريكية، رسالة خطية لمضمون كلمة الرئيس عبد المجيد تبون، خلال لقائه بوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية انتوني بلينكن، تضمنت الحديث عن « إنتاج الحليب والحُبُوب، وخلفيات الأزمة مع المغرب والاحتلال الإسرائيلي، ودور مجموعة « فاغنر » الروسية بمالي وليبيا ».
نُواب من الكُونغرس يُطالبون بعُقوبات
ومع نهاية شهر سبتمبر من نفس السنة، راسلت مجموعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي، ضمت 27 عضوا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لمطالبته بـ »فرض عُقُوبات على الحكومة الجزائرية بسبب صفقات التسلح مع روسيا ».
وعبر البرلمانيون الأمريكيون، بقيادة عضوة الكونغرس الجمهورية ليزا ماكلين، في رسالتهم، عن مخاوفهم بشأن ما وصفوه بتنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا.
وذكر الموقعُون، أن « الجزائر وقعت، العام الماضي، صفقات أسلحة مع روسيا قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار، وأن من بينها بيع روسيا للجزائر طائرات مقاتلة متطورة من طراز سوخوي -57، والتي لم تبعها روسيا لأية دولة أخرى ».
وأكدوا على “أن الصفقات تجعل الجزائر ثالث أكبر متلقٍ للأسلحة من روسيا، والأخيرة أكبر مورد للأسلحة للجزائر”، كما دعا المشرعون الأمريكيون إلى تنفيذ قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات ، الذي أقره الكونغرس في عام 2017.
الأمم المُتحدة تدعو الحُكومة لاحترام حقوق الانسان من خلال 291 توصية
وبعد شهرين عن ذلك، امثتلت الحكومة الجزائرية، مُمثلة بوزير العدل حافظ الاختام، أمام هيئة الأمم المتحدة بجنيف السويسرية، للرّد على المساءلات الأممية الخاصة بقضايا حقوق الإنسان، المُجلسة امام المفوضية السامية لحقوق الإنسان، في دورته الـ41 للإمتحان الدوري الشامل الرابع، والتي توّجت بإقرار 291 توصية أممية، تتعلق بضرورة احترام حقوق الانسان ومراجعة عدد من القوانين المتناقضة مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وعدد هام من المواثيق الدولية وتعريفات مجلس الأمن الدولي لمفهوم « الإرهاب » الذي استخدم تعريفه ضد « مدافعين عن حقوق الانسان وصحفيين ونشطاء وسياسين ومحامين ».
نواب البرلمان الأوروبي على خُطى نواب الكونغرس الأمريكي
وخلال نهاية شهر نوفمبر المُنصرم، راسل 17 نائبا من أعضاء البرلمان الأوروبي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يطالبون فيها مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، أين اتهمت العريضة الجزائر بنسج علاقات قوية مع موسكو.
وقال نواب البرلمان الأوروبي إنّ « الجزائر تعد من بين أربع المشترين الرئيسيين للأسلحة الروسية »، معربين عن قلقهم، ومتهمين الجزائر « بتمويل الحكومة الروسية من خلال شراء معدات عسكرية »، على حد زعمهم.
وقاد حملة النواب الموقعين من فرنسا، ليتوانيا، المجر، إستوانيا، السويد، بلغاريا، فنلندا، بولندا، الدنمارك وسلوفاكيا، أندريوس كوبيليوس، رئيس وزراء ليتوانيا سابقاً.
وأضاف التقرير الفرنسي أنّ « الحكومة الجزائرية أظهرت منذ بداية الحرب في أوكرانيا، مراراً حيادية موقفها من خلال إنشاء شراكات جديدة مع أوروبا مع الحفاظ على علاقاتها مع مورّد الأسلحة الأول » وفقاً لما ذكره موقع « أراب نيوز » الفرنسي.
وكانت الجزائر، مثل العديد من الدول الأفريقية، قد امتنعت عن التصويت على قرار الأمم المتحدة الصادر في 2 مارس الماضي، والذي يطالب روسيا بـ « التوقف الفوري عن استخدام القوة ».
روسيا تُرحب بانضمام الجزائر لمجموعة البريكس

وفي شهر أوت من نفس السنة الجارية، أعلن الرئيس عبدالمجيد تبون، أن « الجزائر تلبي بنسبة كبيرة الشروط التي تمكنها من الالتحاق بمجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وأوضح تبون، في لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية، بث على القنوات التلفزيونية والإذاعية الوطنية، أن « هناك شروطًا اقتصادية للالتحاق بمجموعة (بريكس)، أظن أنها تتوفر بنسبة كبيرة في الجزائر ».
وردّ تبون عن سؤال حول ما إذا كانت للجزائر رغبة في الالتحاق بهذه المجموعة، بالقول: « ممكن.. لن نستبق الأحداث، لكن إن شاء الله تكون هنالك أخبار سارة »، مضيفاً أن مجموعة « بريكس » تهم الجزائر بالنظر لكونها « قوة اقتصادية وسياسية ».
وفي الثامن من شهر نوفمبر المنصرم، أعرب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول إفريقيا, نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، عن ترحيب موسكو برغبة الجزائر الانضمام إلى عائلة بريكس.
وقال بوغدانوف في مؤتمر صحفي ردا على سؤال لوكالة « تاس » ، نقلته وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، أنه « بالطبع, ترحب روسيا برغبة شركائنا و الأشخاص ذوي التفكير المماثل في الإنضمام إلى عمل تنسيقات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها, حيث نعمل بنشاط »، وأضاف : « لدينا علاقات ممتازة مع الجزائر ونحافظ على حوار يقوم على أساس من الثقة المتبادلة », مؤكدا انه « يجري بحث هذه المسألة في إطار العمل الجماعي في بريكس ».
وجاءت تصريحات بوغدانوف، عقب ترحيب جمهورية الصين التي تترأس هذه السنة المجموعة، التي أكدت على لسان وزير شؤون خارجيتها، وانغ يي، أنها ترحب برغبة الجزائر في الانضمام الى عائلة بريكس، مشيرة الى أن الجزائر « بلد ناشئ كبير » و « ممثل للاقتصادات »، حيث تعتبر بريكس اختصارا لكتلة الأسواق الناشئة التي تضم كلا من البرازيل و روسيا و الهند و الصين و جنوب إفريقيا.
إلغاء » مناورات عسكرية جزائرية روسية«

ومع نهاية شهر نوفمبر، نفت وزارة الدفاع الوطني، عبر رسالة قرأها التلفزيون العُمومي، » ما تداولته وسائل إعلام دولية بخصوص إجراء مُناورات عسكرية بمنطقة بشار الحدودية ».
وهو الخبر الذي سبق وأن أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية، وعلقت عليه الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، التي » نفت استهداف التمارين العسكرية بالجزائر لأي طرف أخر ».
سعيد بودور