أكّد المحامي والحقوقي عبد الله هبول، أنّ المادة 79 من قانون العقوبات الجزائري خطر على حريات الجزائريين، مشيرا إلى أنّها تعود إلى سنة 1966 وطالها آخر تعديل سنة 1975 إبان الأزمة السياسية بين الجزائر والمغرب.
وقال عبد الله هبول، خلال مرافعته للصحفي خالد درارني بمجلس قضاء الجزائر، الخميس الماضي، إنّه « آخر تعديل لهذه المادة لم يكن سنة 2006 كما تمّت الإشارة إليه، بل كان سنة 1975 لما أُنشأ مجلس أمن الدولة ».
وأوضح المحامي أنّ « أصل المادة يعود لعام 1966، أين حدّد المشرع آنذاك الركن المادي للجريمة، بحيث نصّت على أنّ كل من ينتزع أو يعمل على انتزاع جزء من اقليم الجمهورية أو جزء من التراب الوطني من سلطة الدولة يعتبر مرتكب لجريمة المساس بالوحدة الوطنية »، مشيرا: « منذ عام 1966 إلى غاية 1975 كانت هذه الجريمة كانت واضحة والركن المادي هو عملية انتزاع لجزء من التراب الوطني واخراجه من السيادة الجزائرية « .
وأضاف هبول أنّه « مع إنشاء مجلس أمن الدولة، جاء النص بصيغته الحالية الفضفاضة المطاطة الغامضة التي تفتح الباب إلى التفسير الواسع على خلفية الأزمة السياسية التي كانت بين الجزائر والمغرب، لهذا عدلتها السلطة السياسية آنذاك ».
من جهته شدّد المحامي عبد الغاني بادي في ذات الجلسة، على خطورة المادة 79 بالنسبة للحريات في الجزائر، مؤكّدا أنّ « نص المادة 79 نص غير واضح تماما ونص مبتور وغير مقبول من الناحية القانونية، لأنه في الحقيقة هو أثر من آثار التقنينات غير المدروسة والمطاطة التي جاءت لأغراض سياسية « .
وأبرز عبد الغاني بادي أنّ « المادة تنصّ على أنّه كل من يعمل بوسيلة كانت على المساس بالوحدة الوطنية، فهل يجوز أن يكون في الجزائر نص مثل هذا دون أن نُحدد من هي هذه الوسائل ودون أن نحدد الأوجه والعناصر « .
وأوضح المحامي أنّ « القضاة سيجدون أنفسهم خلال العمل بهذا النص، مضطرين للتوسع وهو الأمر الغير جائزٍ قانونا، لهذا يرافع المحامون في كل مرة بعدم الدستورية دون الاستجابة للأسف ».
وأفاد بادي أنّ هذا النص خطر قانوني، حيث اتهمنا به الصحفي خالد درارني ومئات الجزائريين وأدخلناهم للسجون بهذه المادة، ولم نتجرأ القول بأنها غير دستورية ولم نستطع كقانونيين وكقضائيين وكأكادميين بأن نقول أن ذلك عيب في تاريخ الجزائر ».
ودعا بادي إلى » وجوب أن يرفع الجميع أصواتهم لإبعاد هذا الخطر القانوني ».
للإشارة، جاء نص المادة 79 في القسم الثالث لقانون العقوبات، الخاصة بالإعتداءات والمؤامرات والجرائم الأخرى ضد سلطة الدولة وسلامة أرض الوطن.
وتنص المادة على أنّ كل من يعمل بأية وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن، وذلك في غير الحالات المنصوص عليها في المادتين 77 و78 يعاقب بالحبس لمدة سنة إلى عشر سنوات وبغرامة من 3.000 إلى 70.000 دج، مع جواز حرمانه من الحقوق المشار إليها في المادة 14 من هذا القانون.
وتنص المادة 77 على أن يعاقب بالإعدام الاعتداء الذي يكون الغرض منه إما القضاء على نظام الحكم أو تغييره، وإما تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو ضد بعضهم بعضا، وإما المساس بوحدة التراب الوطني. ويعتبر في حكم الاعتداء تنفيذ الاعتداء أو محاولة تنفيذه.
وتنص المادة 78 على أنّ المؤامرة التي يكون الغرض منها إرتكاب الجنايات المنصوص عليها في المادة 77 يعاقب عليها بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا تلاها فعل إرتكب أو بدئ في إرتكابه للإعداد لتنفيذها. وتكون العقوبة السجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات إذا لم يكن قد تلا المؤامرة فعل إرتكب أو بدئ في إرتكابه للإعداد لتنفيذها.
وأشارت : ويقوم المؤامرة بمجرد اتفاق شخصين أو أكثر على التصميم على إرتكابها. كل من يعرض تدبير مؤامرة بغرض التوصل إلى إرتكاب الجنايات المنصوص عليها في المادة 77 دون أن يقبل عرضه يعاقب بالحبس من سنة إلى عشر سنوات وبغرامة من 3.000 إلى 70.000 دينار ويجوز علاوة على ذلك أن يمنع الفاعل من ممارسة جميع الحقوق المشار إليها في المادة 14 من هذا القانون أو بعضها.